تعتبر ساحة الهديم أول تأسيسات السلطان المولى إسماعيل، وظلت تحتضن، إلى عهد قريب، مختلف الاحتفالات الدينة والرسمية بحضور السلطان ورجال المخزن وأعيان البلد.
ضمت مدينة مكناس بين أسوارها بعض الساحات، لكل منها دورها في تنظيم العلاقة بين المدينة العتيقة والقصبة السلطانية، ثم بين العاصمة الإسماعيلية ومحيطها. فإلى جانب ساحة الهديم، نجد ساحات أخرى أسهمت في ضبط المجال، وتهيئ فضاء للتواصل بين مختلف مكوناته، فهناك في الجهة الشمالية الغربية من المدينة العتيقة ساحة باب البرادعيين، وفي الجهة الجنوبية الشرقية من القصبة الإسماعيلية ساحة باب المشور، وبمحاذاة ساحة الهديم هناك ساحة للا عودة.
هيئت ساحة الهديم لتكون صلة وصل بين المدينة السلطانية والمدينة العتيقة، وهي تتخذ شكلا مستطيلا بعرض 90 م وطول 200 م تقريبا، استمدت اسمها من عمليات الهدم التي تعرضت لها البنايات التي كانت هناك قبل بناء القصبة الإسماعيلية.
تحيط بساحة الهديم بعض المعالم التاريخية، تؤثث الفضاء وتمنحه هالة خاصة، ويمكن من خلال ذلك أن نتبين بعض أدوارها، ومن هذه المنشآت باب منصور العلج الذي يعتبر المدخل الرئيس للقصبة الإسماعيلية من جهة الشمال الغربي، مما جعل ساحة الهديم تشكل في مرحلة أولى «مشورا» للقصور السلطانية. وقد اعتبرت هذه الباب من تأسيسات المولى إسماعيل، ثم استَكْمَل بناءها مولاي عبد لله الذي جدد بعض جوانبها، وزخرفها، وأنهى البناء بها سنة 1144هـ/ 1731م. وكان يوجد بداخلها مقر محكمة باشا المدينة، في الدكة المواجهة للداخل، حيث استمرت قائمة هناك حتى نهاية الدولة العزيزية عام 1325هـ/ 1907م.
عبد المالك ناصري
تتمة الملف تجدونها في العدد 31 من مجلتكم «زمان»