بعد أن استفرد الوزير الأعظم أحمد بن موسى، الشهير ببا حماد، بالسلطة أبى إلا أن يضع إخوته على رأس مختلف المسؤوليات، ولم يكتف بالأسوياء منهم، بل عمل على توجيه أخيه مَحمد، الذي كان يصاب باختلال في العقل بين الفينة والأخرى، سفيرا إلى فرنسا. ولما حل بعاصمة الأنوار سنة 1896 داهمه هذا الداء، فأخفقت سفارته وعادت للمغرب. يقول المشرفي في هذا الشأن: “وفي هذه السنة وجه الوزير المذكور أخاه محمد فتحا سفيرا لدولة فرنسا، وفي صحبته الفقيه السيد محمد بن سليمان معززا به لما كان عليه من كمال العقل وحسن السيرة والأدب، ومعرفته لمباشرة الأمور مع الديانة.
ولما حلا عاصمة الدولة التي هي باريس، وأقاما بها أياما، اعترى السفير المذكور اختلال بعقله، وكان من عادته ذلك، لتطبعه ومصاحبة داء الوسواس له، ولم يسعه حينئذ إلا الرجوع لمراكش من تلك السفارة بغير طائل، لتعذر قضاء الوطر بوجود الداء المذكور، حيث لم يستقم التوصل به للغرض الباعث عليها.
وكان من حقه أن لا يوجه للسفارة أخاه المذكور، لما يعلمه من اعتراء هذا الداء له في بعض الأحيان، ولا سيما عند مفارقته لوطنه الذي هو مسقط رأسه، ومغايرة ما ألفه من الهواء والطبائع بأرضه، ورؤيته ما يقضي منه العجب (…) حتى أن من كان له عقل سليم يخشى عليه من اختلاله بمشاهدة تلك العجائب، لعدم قبول العقل دخولها في الإمكان، لولا مشاهدته لها بالعيان، فكان ذلك أقوى سبب تحرك هذا الداء، المبتلى به عليه”.
أي نتيجة
View All Result