يستمد الضريح الإسماعيلي هيبته من كونه يضم جثمان السلطان المولى إسماعيل وعدد من أبنائه وحفدته وحريمه، كما يستلهم هذا المكان المقدس هالته من وجود مدفن الولي الصالح الشيخ عبد الرحمان المجذوب.
تواتر عند الناس، وخاصة من المكناسيين، أن «مَكْنَاسْ كُلْ قْدَمْ بْوَلِي»؛ ومعناه أن كل قدم من أرض المدينة، سواء منها العتيقة أو التي تدخل في حيز القصبة السلطانية، قد تكون في زمن من الأزمنة ضَمَّت رفات ولي من الأولياء، فكان هذا التعبير الدارج بين الناس كناية على كثرتهم .وتبعا لذلك، فعند إنشاء الإقامة الأميرية في العهد الإسماعيلي بالقصبة، والتي عُرفت بـ“الدار الكبيرة“، كان بمحاذاتها ضريح أحد الأولياء الذين كانت لهم مكانة معتبرة، اختلجت معها مشاعر التوقير والتبجيل من العام والخاص، بالنظر إلى ما خلفه من أثر روحاني احتفظت به ذاكرة الناس، فقدسوا مدفنه وأجلوه، وحفظوا كلامه وتداولوه فيما بينهم، إنه الشيخ عبد الرحمان المجذوب الذي تذكر الروايات الشفهية أنه كان يقول: “غَادِي يْجِي الشَّرِيفْ ويَبْنِي عْلِيَّا لَسْوَارْ“، وقد فَسر البعض ذلك بأن الشريف المقصود هنا هو المولى إسماعيل الذي أدار الأسوار على تلك البناية التي شملت ضريح الشيخ، وشيد هناك المسجد الذي كان يعرف بمسجد الرخام، فشكل هذا المجمع العمراني المقدس الذي كان يضم ضريح الشيخ المجذوب وملحقاته، النواة الأولى التي أنشأ عليها السلطان المولى أحمد الذهبي ضريح والده على الهيأة والشكل اللذين كان يرغب فيهما.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 122 من مجلتكم «زمان»