لا يبعد قبره سوى أمتار قليلة عن قبر المولى إسماعيل في مكناس. هو أشهر رجالات التصوف الشعبي، يحفظ الناس أشعاره وأقواله إلى اليوم. أما المتصوفة فيرونه صاحب كرامات لا تنتهي، يقف كل سنة بعرفات، ويخبر بما في اللوح المحفوظ. إنه عبد الرحمان المجذوب.
على يمين الداخل لضريح المولى إسماعيل بمدينة مكناس، يوجد قبر غريب لرجل لم يكن يوما ملكا ولا أميرا، بل لا تربطه أية صلة بالأسرة العلوية. فبالقرب من قبر المولى إسماعيل، وزوجته خناثة بنت بكار، وابنه السلطان أحمد الذهبي، والسلطان عبد الرحمان بن هشام، يوجد قبر أحد أشهر رجالات التصوف في المغرب: عبد الرحمان المجذوب. في الواقع، فإن هؤلاء جميعا هم من دفنوا إلى جانب عبد الرحمان المجذوب، وليس العكس، إذ أن وفاته (1569) تسبق بأكثر من قرن ونصف وفاة المولى إسماعيل (1727). واليوم ما يزال المجذوب يحظى في أوساط المغاربة بهالة كبيرة من التقدير والقداسة رغم مرور قرون طويلة على وفاته. لم يولد عبد الرحمان المجذوب، واسمه عبد الرحمان بن عياد، بمدينة مكناس. بل بقرية تيط، مركز مولاي عبد الله أمغار حاليا، على بعد كيلومترات قليلة من مدينة الجديدة. في هذه القرية، ولد سنة 1503، قبل أن يغادر صغيرا، رفقة عائلته إلى مكناس، مكرها على الأرجح، بعد دخول البرتغاليين إلى أزمور. كان الرحيل سنة 1508، أي أن عمر عبد الرحمان لم يكن يتجاوز أربع أو خمس سنوات حينها. وفي مكناس ثم فاس، تلقى مبادئ العلوم الشرعية، قبل أن يدخل عالم التصوف ويشتهر بالولاية. ومن فاس، انتقل مجددا، في مرحلة متقدمة من عمره، إلى بلاد الهبط، وبالضبط مدينة القصر الكبير، حيث قضى أكثر من عشرين سنة. توفي سنة 1569، وحملت جثته على فرسه إلى مكناس حيث دفن.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 24 من مجلتكم «زمان»