أثار اكتشاف أقدم أثر للثقافة الأشولية بشمال إفريقيا، التي تنتمي للعصر الحجري القديم الأدنى، بموقع طوما 1 بالدار البيضاء تفاعلا كبيرا .نشر الخبر حينذاك في وسائل إعلام عالمية وفتح نقاشا غنيا عزز من مكانة المملكة التي أصبحت تعد” جنة لعلماء الآثار.” نشرت نتائج الدراسة بمجلة التقارير العلمية، وما زالت الأبحاث مستمرة حاليا بالموقع في إطار برنامج البحث الأركيولوجي المغربي-الفرنسي المسمى ”ما قبل التاريخ بالدار البيضاء”. فيما يلي نص الحوار مع عبد الرحيم محب، الذي أشرف على البحث الأثري باسم المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث.
في السنوات الأخيرة، أصبحت المملكة تعد ”جنة لعلماء الآثار”، بصفتكم متخصصا في آثار ما قبل التاريخ، هل ترون أن الأبحاث الأثرية في ما قبل التاريخ عرفت تطورا أم تسير على نحو بطيء مقارنة مع الأبحاث الأثرية في الفترات الأخرى كالقديم والوسيط؟
أضحى المغرب جنة لعلماء آثار ما قبل التاريخ ومرجعا أساسيا لمعرفة الجنس البشري ودراسته، وخاصة الإنسان الحديث بفضل تطور وتيرة البحث الأثري بالنسبة لحقب ما قبل التاريخ خلال السنوات الأخيرة والنتائج العلمية الهامة المحصل عليها .ويمكن القول إنه خلال العقدين الأخيرين، وبفضل إسهام العديد من الباحثين والكفاءات المغربية المتخصصة في مجالات متشعبة، وبتعاون مع كفاءات أجنبية، وأيضا نتيجة لانخراط قطاع الثقافة عن طريق المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث ومديرية التراث الثقافي، وتنامي درجة الوعي بدور التراث لدى العديد من المتدخلين، أضحى الكل مقتنعا ومؤمنا بالدور الذي تقوم به الاكتشافات الأثرية والمعطيات الميدانية والنتائج التحليلية للمخلفات والشواهد المادية خلال فترات ما قبل التاريخ في إعادة كتابة التاريخ المغربي وتحصين الهوية المغربية.
أجريت أبحاث أثرية مهمة في المغرب، تخص فترة ما قبل التاريخ في فترة الحماية. لكن البدايات كانت في أواخر القرن التاسع عشر مع كوستاف بليكير، هل يمكن أن تحدثونا يإيجاز عن البدايات الأولى؟ وما الذي ميز البحث الأثري في فترة الحماية؟
إذا أردنا أن نتطرق إلى مراحل البحث الأثري في فترات ما قبل التاريخ، يمكن تقسيمها إلى ثلاث محطات زمنية أساسية: من 1875 إلى استقلال المغرب سنة ،1956 ومن 1956 إلى سنة ،1985 ثم من 1985 إلى الآن. وفعلا فأولى الأبحاث بدأت منذ نهاية القرن التاسع عشر وبالضبط سنة ،1875 حيث تم نشر نتائج تنقيبات أركيولوجية بالمغرب الشرقي من طرف كوستاف بليكير. لكن يمكن اعتبار الربع الأول من القرن العشرين الفترة الزمنية الأولى التي عرفت تطور الأبحاث والتحريات الأركيولوجية في عدة مناطق مغربية، ولو بشكل متقطع. يسمي البعض هذه المحطة بمرحلة الرواد بالنسبة لما قبل التاريخ المغربي.
تتمة الحوار تجدونها في العدد 115 من مجلتكم «زمان»