تميز بوطالب، في مدينته فاس، كفتى نابغة شد إليه الأنظار وهو في عنفوان شبابه .راقبته الحماية الفرنسية، قبل أن يستقدمه السلطان إلى الرباط لِيُدَرس مولاي الحسن، وهو دون العشرين. هنا مسار رجل، بقدر ما عاش في القصر، ظل بعيدا عنه.
تلقى عبد الهادي بوطالب، على غرار علال الفاسي خريج القرويين وعبدا لله إبراهيم خريج ابن يوسف، تعليما تقليديا، تمخض عن فكر . لكن بوطالب تميز بالتعبير عن فكره الليبرالي، إذ حافظ على نهج تركيبي في التعامل مع الفكر الغربي، بل نهج انتقائي، مع معرفة أكثر بأسرار السلطة. تميزت كتاباته باللغة العربية بلمسة فنية وجمالية، وبالدقة في التعبير والبلاغة، فضلا، عن كونه يتقن اللغة الفرنسية، تعليما عصاميا.
جرب بوطالب كتابة الرواية، في عنفوان شبابه، فتفوق. مارس السياسة في حزب، في دائرة حزب الشورى والاستقلال، لكن تركه، بعدما أسس، إلى جانب المهدي بن بركة، حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وكان قد شغل منصب وزير للشغل والشؤون الاجتماعية في أول حكومة وطنية بعد الاستقلال. من الصعب حصر المناصب الوزارية التي شغلها في عهد الحسن الثاني، بما في ذلك وزير الخارجية ووزير الدولة، إضافة إلى أنه كان مستشارا للملك أكثر من مرة. بل كان من المتوقع أن يشغل منصب وزير أول في عهد الحسن الثاني.
دون أن ننسى بشكل خاص منصبه سفيرا في واشنطن منذ عام ،1974 غداة بداية قضية الصحراء. يؤاخذه البعض علىما يرونه “خيانات“ سياسية. لكن هل يمكن أن نلوم القبطان لأنه يقود مركبه الشراعي حسب حركة الريح؟ السياق يقترح والإنسان يتصرف. لقد كان بوطالب بمثابة “شارل موريس تاليران“ مغربي، غايته أن يخدم بلاده أيا كانت الظروف.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 129 من مجلتكم «زمان»