نالت عزيزة السكسيوية شهرة وحظوة كان يعصب أن تنالهما امرأة في العصر الوسيط، ونُسبت إليها كرامات منذ الصغر، ورفعتها الرواية الشفوية إلى الوليات الصالحات.
يصطدم الراغب في الخوض في حياة عزيزة السكسيوية/السكسوية أو لالة عزيزة كما هو اسم شهرتها اليوم في المجال الذي استوطنته، بندرة المصادر التي تعوق ذلك الخوض، فليس هناك سوى ترجمة يتيمة، مقتضبة جدا، في مصدر منقبي ألفه ابن قنفذ القسنطيني خلال القرن 8هـ/ 14م، ذاك هو “أنس الفقير وعز الحقير“، وتستكمل عناصر هذه الترجمة من خلال بعض كتب الأخبار. كل هذا لا يفي بالغرض، فلا يجد الباحث بدا من توظيف الرواية الشفوية والأسطورة الرائجة في مجال الولية، بمقاربة أنثروبولوجية، مع يرافقهما من محاذير منهجية.
الحديث عن عزيزة السكسيوية هو حديث عن النساء الوليات في مغرب العصر الوسيط ودورهن في المجتمع، في وقت تصاعدت موجة الصلاح في هذا البلد خلال الحقبة التي عاشت خلالها هذه الولية (القرن 8هـ/14م) .وتعد عزيزة من الوليات المنتميات إلى المجال الريفي وتحديدا مجال قبيلة إسْكْسَوانْ أو سكساوة أو سكسيوة بالصيغة المعربة المنتمية إلى اتحادية كنفيسة المصمودية في الأطلس الكبير الغربي. ليس بين يدي الباحث تاريخ محدد لميلاد عزيزة، وكل ما هناك، واعتمادا على أحداث ترجمتها، فإنها عاشت خلال النصف الثاني من القرن 8هـ/ 14م. سماها ابن قنفذ عزيزة، وقد يكون عَرَّب اسمها، فقد لاحظ جاك بيرك أن اسم عزيزة شاذ بالمجال الذي عاشت فيه، حتى إنه لم يكن منتشرا زمن الدراسة التي قام بها في خمسينات القرن العشرين. وزاد ملاحظا «أن الخطاب الشعبي يغير هذا الاسم في الألحان الشعبية إلى اسم آخر هو “عزت“. وثمة اسمان قريبان منه منتشرين في كل من زِنيتْ، حيث يوجد قبرها، وإرْنارَنْ زْدينينْ هما “عزو“ أو “عزّونة“. كانت عزيزة تقيم في موقع يدعى “القاهرة“، بشهادة معاصرها ابن قنفذ، وهو عبارة عن حصن بناه السلطان المريني أبو عنان في دير جبل سكساوة سنة 754هـ/ 1353م إثر حصاره لقائدها «الذي لحق به هناك الأمير أبو الفضل أخ السلطان بعد رجوعه من الأندلس وإعلانه الثورة ضد أخيه أبي عنان».
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 139 من مجلتكم «زمان»