كان موحا أوحمو الزياني أحد الشخصيات الرئيسة في مقاومة سلطات الحماية الفرنسية في المغرب. جعل من الأطلس المتوسط معقله لقيادة الأمازيغ الشجعان لهزم الجيش الاستعماري في معركة الهري الشهيرة التي وقعت في عام ،1914 وقتل فيها الكثير من الفرنسيين .من أجل فهم هذا الرجل بشكل أفضل، أخذت فاطمة أمحزون، حفيدة الزياني، على عاتقها، تأليف سيرة كاملة ودقيقة عن جدها. هنا، تكشف لـ”زمان” شخصية وأسرار ذلك الرجل الذي كان يهابه ليوطي نفسه…
كتبت سيرة جدك موحا أوحمو .هل يتعلق الأمر بفكرة ترسخت منذ وقت طويل، أم أنها جاءت لمجرد نزوة؟
يمكن أن أقول الاثنين معا. منذ نعومة أظافري، سمعت الكثير عن موحا أوحمو… لكن، في ذلك الوقت، لم أكن أعلم حقًا أنه لم يكن مجرد جدي وأب محترم في عائلتي .لقد فهمت أنه كان أكثر من ذلك عندما كنت في الـ11 من عمري، عندما سألني صحافي، جاء من الرباط، عن مكان مكتب قدامى المحاربين في خنيفرة. وعندما أوضح لي أن ذلك من أجل مقال عن موحا أوحمو، سارعت لأكشف له أنه جدي… وحالما أبدى اهتماما بحضوري لمقاله، ركضت إلى المنزل لأنه لم يكن مسموحًا لي حينها بالتحدث إلى رجل غريب. لكني فهمت، حينها، أن شخص أوحمو معروف خارج دائرتي الجغرافية والعائلية. لذلك، أدركت أن هناك شيئًا استثنائيًا فيه، أو على الأقل شيئًا خارجًا عن المألوف… حين كبرت، ترسخت لدى فكرة القيام بشيء ما عن حياته.
متى قررت إنجاز تحقيق عن حياته ومساره؟
كان ذلك في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أثناء رحلة مع زوجي. لقد كان طياراً مقاتلاً، وذات يوم، وبعد أن حلق عدة مرات فوق المناطق الجنوبية للمغرب، قرر زيارتها، ولكن هذه المرة بالسيارة، مع أخذ الوقت الكافي لاكتشاف هذه المناطق. رافقته وهنا كنا نزور مدينة تامكروت الصغيرة، غير البعيدة عن زاكورة، حيث التقينا بمدير المكتبة المحلية المعروفة باحتوائها على الكتب النادرة والثمينة .أخذنا في جولة في المبنى، وشرح لنا أن إطار القبة الرائعة مبني من جذوع الأرز، والتي قدمها سيد الأطلس المتوسط الكبير المسمى أوحمو. وبينما كان الرجل يشرح لنا الصعوبة التي تم بها نقل هذه الشحنة الثمينة من الخشب من خنيفرة إلى زاكورة، على ظهر جمل وبغل. قال زوجي له: «أقدم لك حفيدة موحا أوحمو الزياني» .كان رد فعله بمثابة حافز حقيقي بالنسبة لي، وجعلني أفهم ما يمكن أن يجسده جدي. على الفور، سجد الرجل العجوز أمامي ثم أصر على تقبيل رأسي وهو يباركني عدة مرات. في هذه اللحظة بالتحديد، قلت لنفسي إن الوقت قد حان لبدء رحلة بحث عن الرجل والشخصية التاريخية، الذي هو جدي.
حاورها يونس مسعودي
تتمة الحوار تجدونها في العدد 131/130 من مجلتكم «زمان»