عن عمر يناهز 75 سنة، توفيت، يوم 30 نونبر 2015، الكاتبة وعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي، التي تميزت بجرأتها في تناول قضايا الإسلام والمرأة والجنس، كما اشتهرت بنضالها «الواعي» من أجل المساواة وحقوق النساء.
رحلت فاطمة المرنيسي في صمت بعد معاناة مع مرض لم ينفع معه علاج. لم تمنح لأحد الفرصة للانخراط معها في حميمية الوداع الأخير لحياة ملأتها بصوت ظل مجلجلا يحكي ويكتب ويحلل ويفكك ويؤرخ لموضوع/قضية شغلتها طيلة مسارها العلمي والأكاديمي. لم تكن تحب الإعلام ولم تكترث قط للظهور، هي التي ظلت طيلة حياتها تبحث وتنقب في ثنايا الذاكرة من أجل إبراز أدوار النساء ومن أجل أن يصبح لهن صوتا يعبرن من خلاله عن وجودهن وعن إسهامهن. اختارت طريق البحث بعد أن استهوتها الصحافة لردح من الزمن، واختارت الكتابة وهي القادمة من مجتمع يفضل التعبير الشفوي، وتستعمل فيه النساء الحكايات الشفوية لتمرير قيم اعتبرت أساسية في تربية النشء، بما فيها تلك التي لم تكن تنظر بعين الرضى لهن.
سافرت كثيرا، وانتقلت ورحلت في جغرافيا العالم، في زمن كان سفر المرأة يعتبر في حد ذاته تحطيما لقيود كبلت النساء لقرون طويلة. كانت سفرياتها ورحلاتها، كلها، بحثا عن مصادر العلم والمعرفة، التي نهلت منه وباللغات الأجنبية التي تعلمتها إضافة إلى لغتها الأم. شكلت حياتها مثالا لنساء بلدها اللائي كن يبحثن عن نماذج مختلفة عما كانت التنشئة الاجتماعية تحرص على تقديمها لهن.
عادت إلى المغرب محملة بزادها العلمي وبشهادتها العليا التي أهلتها لتصبح أستاذة جامعية بكلية الآداب بالرباط، فكانت من بين أولى نساء شعبة علم الاجتماع. منذ ذلك التاريخ، أي منتصف السبعينات انطلقت في مشروعها الأكاديمي والفكري الذي لم ينضب معينه. لم تتوقف فاطمة المرنيسي قط في مسارها، وهو ما يبين بالملموس الأفق الكبير والمدى الواسع الذي انخرطت فيه هذه المثقفة التي لم تكن تكل ولا تمل من العمل. وهنا يبدو جليا تملكها لإحدى القيم التي جسدتها وأعطت من خلالها مثالا في مجتمع لم يرق فيه العمل، بعد، إلى قيمة مؤسسة وناهضة بالتنمية.
لطيفة البوحسيني
تتمة المقال تجدونها في العدد 27 من مجلتكم «زمان»