لم ينظر كل الفقهاء، في العصر الوسيط، إلى المرأة بقلب واحد. هناك منهم من شكل استثناء وقدر المرأة حق قدرها.
طالما أحاطت المصادر، في مغرب العصر الوسيط، المرأة بصور سلبية من قبيل الشك والشر ونقصان العقل والدين والكراهية والاحتقار، وتحميلها بدع المجتمع… ولا غرو، فمن كتب هذه المصادر رجال، جلهم إن لم يكن كلهم كانوا متشبعين بذهنية تقوم على قراءة فقهية معينة، تنسجم مع ثقافة العصر الذي عاشوا فيه. تتماهى الصور السلبية المذكورة مع التوجه العام الذي سلكته المصادر في عملية التأريخ، فالتأريخ تركز على الرجل. أما التأريخ للمرأة، فقد كان يعتبر في نظر بعض مؤلفي العصر تجريحا في حقهم وتشنيعا. فقد وجه عبد الملك المراكشي في مقدمة كتابه «الذيل والتكملة» انتقادا لابن الأبار عن ذكره النساء في مؤلفه، وتساءل كيف أجاز هذا الأخير لنفسه ذكرهن في كتابه برفقة «أهل العلم الذين هم خواص عباد الله».
والظاهر أن هذا الاتجاه في الكتابة في غرب العالم الإسلامي لم يكن سوى استمرارية لما حبلت به طيات المصادر العربية الإسلامية، بما فيها التاريخية، في شرقه. فالسخاوي، صاحب كتاب «الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ» عند إشارته لأصناف التأريخ التي بلغت عنده أربعين صنفا بما فيها التأريخ للمطربين، والزنادقة، والبخلاء، وذوي الحمق، والسفهاء، والمنجمين، والسحرة، وقطاع الطريق، والسائلة… لم يشر لحظة إلى التأريخ للنساء أو لفئة منهن.
في المقابل، قليلة هي الصور الإيجابية التي أحيطت بالمرأة، فلم نعثر عليها إلا ارتباطا بمكونات اجتماعية كانت تحظى بالتقدير والاحترام، من قبيل فئتي الشرفاء والصلحاء، أو عندما كان ينظر إلى المرأة نظرة الرغبة، سواء كانت جسدا أو محبوبة أو معشوقة.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 40 من مجلتكم «زمان»