استضافت مجلة “زمان” في عدد شهر يناير لسنة 2021، المؤرخ محمد كنبيب المهتم بتاريخ التعايش بين اليهود والمسلمين بالمغرب، والذي يحتوي رصيده الأكاديمي على العديد من الأبحاث العلمية في هذا الموضوع. وجرى الحوار على خلفية عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل.
أعطى المؤرخ كنبيب رأيه حول رجوع العلاقات المغربية الإسرائيلية حاليا، والتي اعتبرها تكريسا لـ “السياسة الواقعية” التي تخدم مصالح البلاد العليا، كما شدد على دور اليهود كمكون تاريخي من مكونات الثقافة المغربية، معتبرا اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه، حدثا تاريخيا ومكسبا مهما للمغرب والمغاربة، ومشيرا في حديثه عن تاريخ العلاقات المغربية الأمريكية، أنها تدخل حاليا مرحلة تاريخية جديدة.
وفي إطار الحديث عن المغاربة اليهود، كشف كنبيب بعض مظاهر تشبتهم بأصولهم المغربية وهويتهم الثقافية، مشيرا إلى مخاطبة المبعوث الإسرائيلي الملك بالدارجة وفق الأعراف الجاري بها العمل في الاستقبالات الملكية. وكذا إقرار عيد “الميمونة” كيوم عطلة في إسرائيل، مما يعني أنهم حملوا معهم ثقافتهم إلى هناك، حسب المؤرخ.
كما تطرق إلى جذور الصهيونية التي استمدت قوتها من المغرب في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، مشيرا إلى أنهم كانوا يشكلون أقلية محدودة قبل الحرب العالمية الثانية. كما تحدث عن محاولات رواد الحركة الوطنية إقحام النخبة اليهودية في النشاط السياسي، وذلك عبر أعمدة جرائدهم الصادرة باللغة الفرنسية، مشيرا إلى إلحاح محمد الخلطي في مقالاته على “مغربية” الرعايا اليهود.
تحدث كنبيب أيضا، بصفته متخصصا في تاريخ التعايش بين اليهود والمسلمين، عن حقيقة هذا الأمر، رابطا ذلك بالسياقات والوقائع دونما الدخول فيما سماهبـ”كليشيهات” الحسابات الإيديولوجية والسياسية، مشيرا إلى أنه “ليس هناك نموذج مثالي للتعايش في تاريخ البشرية جمعاء”.
وفي سياق آخر، أعطى رأيه في مسألة تعريب تدريس مادة التاريخ، تماشيا مع شعار “المغربة”الذي ظهر مع بداية الاستقلال، واعتبر أن الأمر كان يجب أن يطبق وفق خطوات مدروسة ومحكمة، لما يشكل الأمر من صعوبة في التدريس بسبب تعدد المصطلحات التقنية.
من جهة أخرى، حظيت مجلة “زمان” بفرصة مساءلة المؤرخ كنبيب، عن مساره الدراسي وكذا الانتماء السياسي، ودور كل من المؤرخين جرمان عياش وروني غاليسو في تكوينه، بل، وفي تكوين جيل بأكمله من الباحثين. وفي هذا الصدد، تحدث أيضا عن أطروحته الثانية لنيل دكتوراه الدولة سنة 1992، والتي خصصها لتطور العلاقات بين المغاربة اليهود ومواطنيهم المسلمين. كما تحدث عن تجربته في السلك الدبلوماسي وكذا آخر إسهاماته ومشاريعه.
سارة صبري (متدربة)