تذكر معظم الدراسات أن الإرهاصات الأولى للفكر الدستوري بالمغرب تعود لبداية القرن العشرين .لكن أبحاثا أخرى تشير إلى أن المغرب ”احتك” بفكرة الدستور على إثر حدوث الثورة الفرنسية وبداية انتشار الدساتير في أرجاء مختلفة من العالم. بينما يعتقد بعض فقهاء القانون أن المغرب عرف دستورا ضاربا في القدم يختلف عن الدساتير الغربية.
لم يكن المغرب يجهل ما يقع على أرض القارتين الأوربية والأمريكية ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من ثورات وحروب وانقلابات. ولعل أبرز حدث أثار كل انتباهه هو الثورة الفرنسية سنة 1789 التي انتهت بالانتقال من نظام ملكي إلى نظام جمهوري، وبقطع رأس الملك الفرنسي. ولم يكن لهذا التحول أن يقع لولا أفكار فولتير وجون جاك روسو ومونتيسكيو.. وفلاسفة الأنوار والفكر السياسي الحديث. حملت أفكار الثورة الفرنسية معها دعوات لضرورة إقرار دستور يمنح السلطة والحكم للشعب، ويضمن أشكال التعاقد الاجتماعي وفصل السلط، وإحداث مؤسسات تمثيلية، بالإضافة لتكريس أفكار الحرية والمساواة والحقوق الفردية وإعلان حقوق الإنسان.. وهي كلها أفكار بلغت أبعد مدى، وأغرت شعوبا وجماعات، وأرعبت ملوكا وسلاطين.
فكرة الدستور المبكرة في القرن 19
تزامنا مع إعلان قيام الجمهورية الفرنسية، بويع المولى سليمان بالمغرب سنة 1792 وكان رجل علم وليس رجل سياسة كما تذكر المصادر، وغالبا ما يقدّم أحكام الشريعة على مصلحة البلاد، فبرز كرجل متشدد حاد لا يلين في شؤون السياسة. تخوف هذا السلطان، كما تذكر المصادر، مما ستؤول إليه أوضاع الجمهورية الفرنسية، ومن شيوع أفكار الثورة التي تمس بنية الحكم وشكله.
تقلبت أحوال فرنسا وأضحى نابليون رجلا يخرق الأرض طولا وعرضا، فزاد تخوف السلطان سليمان بشكل أكثر عندما اجتاحت الجيوش الفرنسية الأراضي الإسبانية في سنة .1808
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 93 من مجلتكم «زمان»