الإنسان، من طبيعته، يحارب الملل ويبحث عن وسائل الترفيه والتسلية. مهما كانت مسؤولياته وعمله وسنه وإمكانياته وظروفه الخاصة… الكبير والصغير، الرجل والمرأة، المدني والقروي، التاجر والفلاح، الحرفي وحتى العاطل…
ولكن الشعوب أطباق وألوان .وتشكل الطرق المستعملة للترفيه، على اختلافها، دلالات دقيقة عن ثقافتهم وحياتهم وزمنهم. انطلاقا من هذه القاعدة، يمكن لنا التقرب أكثر من واقع المجتمع المغربي القديم من خلال ”ألعابه” وابتكاراته وطقوسه المتنوعة في مجال التسلية والترفيه. كيف كان العامل البسيط يقضي أوقات فراغه؟ وكيف كان الشاب أو الطالب يقضي ”وقته الثالث”؟ كيف كان يتسلى الحاكم ورجل الدولة؟ ما هي الألعاب المفضلة التي كان يفضلها الأطفال في القدم؟ هل كانت هناك ألعاب للفقراء وأخرى للأغنياء؟ ما هي الخاصيات التي كانت تتمتع بها منطقة دون الأخرى ومدينة دون الأخرى؟ وهل كانت هنالك حدود واضحة بين اللهو المشروع واللا مشروع، على حد تعبير الفقهاء ورجال الدين آنذاك؟
من خلال هذا الملف المليء بالطرائف والحقائق، تدعوكم ”زمان” لرحلة من نوع خاص في عقلية المغربي القديم، بيئته ومجتمعه وكيانه. رحلة ممتعة.
اللعب والتسلية ظاهرة اجتماعية–ثقافية حضارية ذات صلة وطيدة بكل مكونات المجتمع أفرادا وجماعات، وقد ابتكر المغاربة عبر تاريخهم ألعابا للتسلية، اختلفت حسب بيئتهم وجنسهم وعمرهم ومرتبتهم الاجتماعية وميولاتهم… مما يجعلنا أمام ثنائيات عدة حاضرة/ بادية، ذكور/إناث، أغنياء/فقراء، كبار/صغار… مما يجعل تناول الموضوع متشعبا للتداخل الحاصل بينها أحيانا.
لا غرو أن الغاية من الألعاب كانت الترفيه عن النفس، وتحطيم رتابة الحياة، وإيجاد سبل للاستمتاع، ولو لفترات قصيرة، بحياة كانت أغلب الظروف المحيطة صعبة. ولما كانت هذه الألعاب تجري في محيط اجتماعي–ثقافي هيمن عليه الدين بشكل أو بآخر، ظهر هذا الموضوع بشكل محتشم جدا في المادة المصدرية للعصرين الوسيط والحديث، وهو ما يجعله صعب الاقتحام.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 88 من مجلتكم «زمان»