دعا السلطان مولاي الحسن الأول الدول الأوربية إلى تقنين نظام الحماية القنصلية بعدما اختار عدد من المغاربة الارتماء في أحضانها، غير أن النتيجة كانت تكريسا للأمر الواقع وإبقاء الحال على ما هو عليه.
عملت الدول الأجنبية منذ منتصف القرن الثامن عشر على استنبات نبتة خبيثة في الحقل المغربي، تسمى الحماية القنصلية، كان من نتائج تفسخها خلال القرن التاسع عشر المس بسيادة البلاد وتعطيل الأحكام وتقويض الموارد المالية للمخزن، بعد أن استظل جزء من المغاربة بحماية دول أجنبية. ومع مرور الوقت، صار عدد المحميين في تزايد، وصارت المعاهدات المنظمة لوضعيتهم تتضمن تدريجيا شروطا مكرسة لواقع لم يعد يطاق. أو كما عبر عنه محمد الزبدي أثناء استقباله في لندن، خلال شهر يوليوز سنة 1876، من طرف وزير الخارجية البريطاني اللورد دوريي: «إن الحماية أدخلت على الدولة ضررا عظيما بكون جل المتلبسين بها يتمردون على الأحكام ويتجاسرون بما لا يمكن الصبر عليه، وكُثر ممن يحتمي إنما هم أهل الجرائم والدعارة ومن يريد الامتناع من دفع الواجب عليه والكلف وغير ذلك (…) وصار الأجناس يقتدي بعضهم ببعض ويكثرون من محمييهم حتى بلغت الحماية الحد الذي لا يمكن السكوت عليه». كان هذا جزء من شكوى بثها الحسن الأول إلى قادة كل من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا وإيطاليا في صيف سنة 1876، عبر سفيره محمد الزبدي، داعيا إياهم إلى تقنين نظام الحماية القنصلية، ولم لا مراجعة بنود مجموعة من الاتفاقيات السابقة، التي فتحت باب التجاسر على المخزن من طرف المحميين. قبل أن يتسرب إليه اليأس من مثل هذه المبادرات، ويقرر التوجه إلى مؤتمر دولي للبحث عن علاج لهذا الداء العضال، فكانت الوجهة مدريد سنة 1880.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 19 من مجلتكم «زمان»