تعرض الشرفاء للتهميش في العصر المريني الثالث، فانبرى بعضهم لإصدار مؤلفات دفاعا عن الشرفاء ومصالحهم مع توظيف كل الأساليب لإقناع السلطة بمكانتهم الرمزية في المجتمع.
كان لاحتفال العزفيين بالمولد النبوي في سبتة، وما لقيه من صدى في جهات مختلفة من المغرب، وحاجة السلطة المرينية إلى دعم شرعيتها، وجني منافع اقتصادية، أن فطنت لأهمية الشرفاء في المجتمع المغربي، وقدرتهم على تحريك الجماعات والتأثير على مواقفها، فأولتهم عناية خاصة ولاسيما الفرع الجوطي في مدينة فاس – العاصمة، تمثلت في إضفاء طابع رسمي على المولد النبوي وتعميم الاحتفال به في ربوع البلاد، وتحمل مصاريف ذلك الاحتفال، وتمتيع الشرفاء، دون أغلبية المجتمع، بامتيازات معنوية من ظهائر التوقير والاحترام، وأخرى مادية كانت تقتطع من بيت المال، شكلت مصدر ثراء لبعضهم، وكذا إعفائهم من الكلف المخزنية …فما كان من الشرفاء، ذوي الثقل والتأثير والنفوذ، إلا أن أصبحوا نصراء للسلطة، واضطلعوا بدور مهم في مساندتها، رغبة في تزكية مكانتهم الاجتماعية.
تمييز الشرفاء “الحقيقيين”
ظل هذا الوضع قائما ما دامت الإمكانيات المادية للدولة المرينية تسمح بذلك، واستفادتها من الشرفاء قائمة. ومع تزايد هجرات الشرفاء من المشرق إلى المغرب، وارتفاع عدد مدعي الشرف للحصول على الامتيازات المذكورة، عملت السلطة المرينية، التي أنهكها منح تلك الامتيازات للشرفاء، على إجراء عملية إحصاء لهم خلال عهدي السلطانين أبي الربيع سنة 709هـ/1310م، وأبي الحسن عام 731هـ/1331م لتمييز الشرفاء “الحقيقيين“ عن غيرهم، علما أن إحصاء السلطة للشرفاء لم يشمل جميع فروعهم، ولعل ذلك راجع لعدم استخلاص السلطة لأية استفادة منهم. غير أن عملية الإحصاء هذه لم تكن كافية لتحقيق غاية السلطة منها فيما يبدو.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 99 من مجلتكم «زمان»