تعتبر الرياضيات والفلك من أول العلوم التي اهتم بها المغاربة. وعرف عصر الموحدين أوج هذه الصحوة بالتزامن مع نزوح علماء أندلسيين إلى المغرب.
تتوفر معطيات تاريخية وافية حول فرضية وجود نشاط رياضي في الفضاء الجغرافي المغربي قبيل مجيء الإسلام، كما يقر بذلك الباحثون. «بعد الإسلام دفعت المجالات التطبيقية للحاجيات اليومية إلى وجود مختصين في حساب المساحة وتوزيع الأراضي، وكان أقدم واحد سمعنا عنه قد ظهر في القرن التاسع أو العاشر في النكور (الريف) وهو موسى ابن ياسين النكوري»، يذكر إدريس لمرابط، الأستاذ المختص في تاريخ الرياضيات وصاحب عدد كبير من المؤلفات في هذا الباب. وقد ذكر المؤرخون أن النكوري خلف بعض المؤلفات في الحساب، لكن لم يعثر لها على أثر إلى حد الآن.
كان يجب انتظار عصر المرابطين لظهور رموز علمية اهتمت بالرياضيات، غير أن هذا الظهور كان عموما محتشما، كما هو الحال تقريبا بالنسبة لمعظم العلوم. إذ برز خلال هذه المرحلة مالك بن وهيب الذي عاش فترة في مراكش، وتقول المصادر التاريخية إن السلطان قد استعان بخبرته لتحديد وجهة القبلة، ويورد المؤرخ عبد الواحد المراكشي: «وقد رأيت كتاب بطليموس وعليه حواشي بيد مالك بن وهيب». في بداية القرن الثاني عشر الميلادي، هاجر عدد من العلماء والمثقفين الأندلسيين إلى المغرب بعد اكتسابهم لتجربة وخبرة كبيرين. ونظرا للإرادة السياسية للموحدين، أصبحت مراكش فضاء لانتشار الأنشطة العلمية ومن بينها الرياضيات بشقيها النظري والتطبيقي.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 53 من مجلتكم «زمان»