لم يعترف الموحدون بخلافة العباسيين ولا الفاطميين، لأنهم اعتبروا أنفسهم الأحق بحكم العالم الإسلامي وتوحيده، وقد تلقب حكامهم بالخلفاء وأمراء المؤمنين.
سعى الأمويون، خاصة ومن بعدهم العباسيون، إلى بسط نفوذهم على المجال المغاربي باعتبارهم خلفاء للمسلمين، وقد تمكن الأمويون من ذلك، لكنهم جوبهوا بمقاومة شرسة أهمها ثورة البربر سنة 122هـ/ 740م التي نجحت في قضم النفوذ الأموي في بلاد المغرب، وظلت نتائج هذه الثورة تعتمل إلى أن أجهضت المشروع العباسي نفسه، وقد أصبح المجال المغاربي ملجأ للعديد من الثوار الذين شقوا عصا الطاعة عن الخلافتين، وما بروز الإمارات المستقلة في المجال المغاربي الخارجية منها والشيعية، سوى دليل على عدم الاعتراف بالخلافة في المشرق، مع استثناءات تؤكد القاعدة، وعدم الرغبة في الانخراط في مشروع وحدوي منطلقه المشرق .ثم جاءت الخلافة الأموية في الأندلس والخلافة الفاطمية في إفريقية، لتعزز هذا المنحى تجاه المشرق. وظل الوضع كما هو عليه، إلى أن استطاع المرابطون توحيد مجال المغرب الأقصى وجزء من المغرب الأوسط زائد الأندلس، فأعادوا فكرة الوحدة مع المشرق الإسلامي بإعلان ولائهم للعباسيين منذ عهد الأمير أبي بكر بن عمر وحتى نهاية الدولة، واكتفوا بلقب أمير المسلمين رغم أنهم أقاموا كيانهم السياسي بمجهودهم الخاص. وقد تم الولاء للعباسيين، وهم الذين وصلوا إلى طور متقدم من الوهن، عبر ذكرهم في منابر المساجد ومن خلال سكتهم. وقد أسهم في توجههم هذا تبنيهم للنظرية السياسية السنية كما صاغها الأشاعرة، حيث «أجمع الفقهاء على عدم إمكانية التعدد في منصب الخلافة من الناحية المبدئية على الأقل». والحال أن الخلافة العباسية قائمة، فلا مجال لقيام خلافة أخرى .وعدت مسألة الوحدة في وعي الفقهاء، وهم المؤطرون للدولة المرابطية، ضرورة دينية أكثر من كونها سياسية .فهل اختلف الأمر مع الموحدين الذين أعلنوا قيام خلافة في بلاد المغرب والأندلس؟
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 113 من مجلتكم «زمان»