بالرغم من أن صلة اليسار الفرنسي بالمغرب أثناء احتلاله كانت محدودة، إلا أن فئة منهم ناهضت فكرة الاستعمار، بل وقف بعضهم في وجه رفاقه وتذبذبت مواقفهم فتحولوا إلى أعداء بينهم. فكيف ولماذا دافعت تيارات يسارية فرنسية عن المغرب، بينما توارت أغلبها إلى الوراء؟
يعتبر مؤتمر الجزيرة الخضراء في سنة 1905 أول مساس بسيادة المغرب، حيث منح امتيازات للفرنسيين بامتلاك ما ليس في حقهم من أراضي مغربية. ومنذئذ، بدأ اليسار، وكذلك اليمين في التذبذب في المسار السياسي والإيديولوجي، مما صعب من إمكانية تمييز الحدود بين المناصرين والمعارضين للسياسة الاستعمارية. وقد لا يسمح المجال بالتفصيل في الخارطة السياسية الفرنسية قبل احتلال المغرب، لكن يجب الرجوع إلى ما قبل تاريخ مؤتمر الجزيرة الخضراء، بالتحديد في سنة 1902، لفهم التوزيع السياسي وكذا نظرته إلى المغاربة. فقد كانت قوى اليسار متقدمة قليلا على قوى اليمين في انتخابات فرنسا. وكان اليساريون ينقسمون إلى راديكاليين أحرار، مثل دولكاسي وطومسون ويقتربون من وسط اليمين. ثم رادكاليون اشتراكيون مثل بيليتان وبريانجي. وكانوا يشكلون في مجلس النواب مجموعة اليسار الديمقراطي مع جمهوريي اليسار. كما كان جميع الراديكاليين يكنون نفس العداء للنزوع الوطني لليمين والنزوع الأممي لليسار المتطرف. وفي هذا الأخير -أي اليسار المتطرف- كان الاشتراكيون ينقسمون إلى: الحزب الاشتراكي لفرنسا والحزب الاشتراكي الفرنسي، الذي كان بينهم جان جوريس أشهر وأبرز مدافع عن سيادة المغرب.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 69 من مجلتكم «زمان»