تعكس معركة وادي اللبن التي وقعت بين المغاربة والعثمانيين سنة ،1558 محاولات عسكرية عديدة قام بها الأتراك لإخضاع المغرب لإمبراطوريتهم .في هذه السطور نقف على ظروف وملابسات الصراع الذي أخمدته نتائج هذه المعركة .
بالنظر إلى أوضاع المغرب خلال منتصف القرن 16م، يبرز لنا حدث انتقال الحكم إلى سلالة صاعدة هم السعديون. وقد مثلت سنة 1549م بدايةً لتطور جديد في تاريخ الدولة السعدية الناشئة، بحيث تم خلالها القضاء على الحكم الوطاسي في فاس، وسيطرة المولى محمد الشيخ السعدي على مجموع مناطق المغرب الشمالية والشرقية. كان للحكم السعدي الجديد إكراهات عديدة، أهمها تجاور قوتين عظيمتين بجانبه، وهما: الأتراك في الشرق والإسبان في الشمال .أما الأتراك فكانوا خلال ذلك القرن يحتلون الجزائر ويطمعون لبلوغ المغرب الأقصى إلى بحره وصحرائه وتوحيد بلاد المسلمين تحت رايتهم. أما الإسبان فكانوا يحتلون أجزاء من سواحل المغرب، ويترقبون وصول الأتراك أو حدوث وحدة وتعاون بين العثمانيين والسعديين وزحف المسلمين مرة أخرى إلى ديارهم. وقد أحدث وجود الإسبان بالسواحل المتوسطية دورا في الصراع بين العثمانيين والمغاربة. في ظل هذه الظروف، تطورت الأحداث ونشبت صراعات ومعارك عسكرية انتهت بمعركة وادي اللبن سنة ،1558 التي منحت المغرب ثقة في نفسه، وعززت مكانته وسط الدول المتصارعة.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 102 من مجلتكم «زمان»