اشتهرت وزان بأسماء كثيرة كل منها له حمولته وسياقاته، غير أن سمة ”دار الضمانة “كانت أشد التصاقا بها، بالنظر إلى ما منحها حضور الزاوية من هالة شَرَف لم يستمر بريقها متوقدا بسبب تبدل الأحوال وتقلب الزمان.
تَرْبُض وزان على السفح الشمالي لجبل بوهلال، وقد راكمت، عبر أزمنة متعاقبة، الكثير من الخصائص المتفردة التي لم تُتَح لغيرها من الحواضر، أسهم في تكريسها موقعها المميز على طريق محوري، سلكته أمم وتواصلت عبره شعوب خلفت مؤثرات على حياة أهل وزان، كما تحكمت في الموقع قبائل، وُجدت ضمن فسيفساء قبلي مشكل من قبائل مصمودة ورهونة وبني مستارة وغزاوة وغيرها، ومتاخمتها لمضارب أغلب القبائل الريفية، مما منحها شخصيتها المميزة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا. ورغم توغلها في البر، إلا أنها لا تبعد كثيرا عن البحر حيث لا يفصلها عن المحيط الأطلنتيكي غربا سوى حوالي 70 كلم، وعن البحر الأبيض المتوسط ما يقارب 130 كلم، فاختار المستقرون الأوائل بها ذلك المجال الطبيعي الذي انتفعت منه في فترات، لكن بالمقابل جلب عليها كثيرا من المتاعب في فترات أخرى.
ليس هناك رواية مُجمع عليها بخصوص نشأة وزان، غير أن العديد من الآراء والفرضيات والروايات تناسلت بخصوص هذه المسألة، منها من أرجع ذلك إلى مراحل موغلة في القدم ترقى إلى العصر الروماني، حيث كانت تحمل اسم “بابا جوليا كامبيستديس“، مشكلة محطة أساسية في شبكة الطرق التي كانت تصل بين جهات ما عُرف آنذاك بموريطانيا الطنجية، وخاصة بين موقعي طنجة في الشمال ووليلي في الجنوب. وغير خاف ما كان لهذا المحور الطرقي من أدوار مهمة في ربط تلك المناطق مع بعضها، وما كان يقتضيه ذلك من إجراءات مشددة لتأمين سُبُلها وكَفِّ القبائل المتربصة بها. في حين تعزي رواية أخرى نشأة وزان للسنوات التي أعقبت وصول المسلمين إلى المغرب، مستدلين على ذلك بكون المئذنة التي تنتصب على مسجد مولاي عبدا لله الشريف، أنشئت على أساس مئذنة سابقة أمر ببنائها موسى بن نصير.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 129 من مجلتكم «زمان»