خبر ميشو بلير المجتمع المغربي عن معاش وتجربة، بعدما نجح في اختراق كل أطيافه، إلى حد أنه اعتنق الإسلام أو تظاهر بذلك، وكان يرتدي الجلباب والسلهام، ويضع العمامة .وحين يختلي بنفسه، كان يكتب تقارير اعتبرت مرجعا للسلطات الفرنسية في فهم المغاربة، قبل فرض الحماية.
القرن العشرين، وفيما كانت فرنسا تستعد لأن يكون لها موطئ قدم بالمغرب الأقصى، خصوصا بعد انتصاراتها في الحرب العالمية الأولى، واستفادة مما عاشته بتجربة الجزائر، رأى الساسة الفرنسيون يومها أنه بدلا من إرسال الجواسيس وضباط الاستخبارات لرفع التقارير الأمنية، والتي يغلب عليها برأيهم السطحية وضعف التحليل، يتم إرسال عدد من العلماء والمتخصصين في مختلف المجالات، خصوصا السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا، للتسلل إلى عمق المجتمع المغربي، والنفوذ حتى إلى المناطق الخطرة من حيث سكانها أو جغرافيتها، من أجل إعداد الدراسات والتقارير عن طرق عيش المغاربة، وأحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبنياتهم الثقافية، وتوجهاتهم الفكرية والدينية، وذلك بالاندماج مع السكان الأصليين، وارتداء ملابسهم، ودخول منازلهم، والأكل من موائدهم، وممارسة طقوسهم وأعرافهم وتقاليدهم. وكان من أبرز هؤلاء المبتعثين عالم السوسيولوجيا إدوارد ليون ميشو بلير (1857-1930)، نظرا لعمق اختراقه للمجتمع المغربي، واندماجه مع سكانه، لدرجة تسميته بـ“لفقيه ميشو“، ومكوثه بالمغرب حوالي نصف قرن، حتى اعتبر مبدع الدراسات السوسيولوجية الكولونيالية بالمغرب ومؤسسها .فما هي قصة هذا الرجل؟ وكيف تمكن من تحقيق كل هذا الاختراق؟ وما أهم أعماله ونظرياته عن المجتمع المغربي؟
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 108 من مجلتكم «زمان»