سافر أبو القـاسم الـزيـاني إلى تركيا ممثلا للسلطان محمد بن عبد الله، في إطار مهمة تخص الخلافات مع حكام الجزائر، وانتهت المهمة بالاتفاق على مواجهة عدو الدين.
لأول مرة في تاريخ العلاقات المغربية العثمانية يحدث انفراج وتقارب على يد السلطان محمد بن عبد لله، الذي استطاع بفضل حنكته السياسية وواقعيته في تدبير أمور الدولة أن ينتقل بهذه العلاقات من التنافر والمواجهة إلى التعاون والتضامن الإسلامي في مواجهة التحديات المشتركة.
خلفيات السفارة
لا يمكن فهم سياسة السلطان محمد بن عبد لله تجاه العثمانيين بمعزل عن سياسته الخارجية ككل، بل قل عن سياسته بصفة عامة. فهذا السلطان اقتنع منذ أن كان خليفة لوالده بمراكش أن الدولة المغربية لا يمكن أن تضمن الاستمرار والسلم الداخلي إلا بمراجعة معادلة الحكم بالاعتماد على التجارة كمصدر أساسي للدخل وإقرار سلم مع المحيط الدولي، سلم يشمل الأعداء المسيحيين والإخوة المسلمين على السواء. وهكذا وبمجرد اعتلائه العرش في سنة 1757، شرع محمد بن عبد لله في مسلسل التطبيع مع كافة الدول المسيحية، قريبها وبعيدها، مستبدلا المواجهة وجهاد الأمس بعلاقات سياسية وتجارية تؤسس لالتحاق المغرب بركب العالم الحديث الذي فرض نفسه بتفوقه التكنولوجي والاقتصادي على المعمور. وبطبيعة الحال لم تكن هذه السياسة المنفتحة لتستثني الدول الإسلامية، وفي طليعتها أكبر قوة إسلامية وجارة المغرب من جهة الشرق. صحيح أن بين المغرب وولاية الجزائر العثمانية كانت هناك نزاعات حدودية ومناوشات من حين لآخر، لكن ذلك لم يكن يمثل شيئا يذكر أمام الخلافات الوجودية التي ميزت علاقته بالمعسكر المسيحي.
محمد المنصور
تتمة المقال تجدونها في العدد 40 من مجلتكم «زمان»