تحتمل أسماء المدن تأويلات عديدة لا ترقى إلى اليقين. ولا تسعف المعطيات التاريخية، التي خلفها الباحثون، في التوصل إلى استنتاجات حاسمة بخصوص جذور وأصول أسماء المدن المغربية. «زمان» تحاول في هذه الورقة تبيان، عبر أمثلة عدد من المدن، تعدد وتضارب الروايات المتعلقة بأصل التسمية.
دراسة أسماء الأماكن عموما منصبة على الصوت والصورة والدلالة، وتستوجب البحث في الاشتقاق والتطور، وهذا يفضي إلى القول إن دراسة أسماء الأماكن هي قبل كل شيء مجال فقه اللغة والصوتيات وعلم اللغة واللسانيات التاريخية. لكن الوثائق والنصوص المكتوبة التي يمكن الاستفادة منها في دراسة أسماء الأمكنة قليلة. فإذا كان العلماء المسلمون قد أولوا هذا الموضوع عناية فائقة من خلال وضعهم لكتب أسماء البلدان والمدن، وحرصوا على ضبطها ووضعها في السياقات التاريخية، فإنهم في المقابل غضوا الطرف عن الجذور المحلية أثناء إعطاء تفسيرات لمعاني تلك الأسماء.
حيث فسر بعضهم، مثلا، معنى “آسفي” بقصة شباب ألقى بهم البحر بسواحلها فتأسف السكان المحليون على مصيرهم، فيما ذهب آخرون إلى تفسير “درعة” بأنها من تذريع الأرض، أما فيما يخص تسمية مكناس، فالمرجح والأقرب إلى الدقة أنها تعود إلى قبيلة “امكناسن” إحدى فروع زناتة الأمازيغية التي كانت تقطن في المنطقة قبل الميلاد، ولو أن بعض المؤرخين حاولوا مرة أخرى نسب أصل التسمية إلى كلمة “الكناس” العربية والتي تعني المجال الطبيعي الخصب الذي ترعى فيه الغزلان، وتقول هذه الرواية إن استبدال حرف التعريف بالميم أتى جريا على عادة القبائل العربية التي استقرت في المنطقة.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020