طيلة أيام 17 و18 و19 أبريل ،1912 عاشت مدينة فاس على إيقاع انتفاضة شعبية جارفة، أسبوعين فقط بعد توقيع معاهدة الحماية .انتفاضة أوقد شرارتها جنود مغاربة ثاروا في وجه ضباطهم الفرنسيين، قبل أن تلتحق بهم ساكنة المدينة في ثورة حفظتها الحوليات العسكرية الفرنسية باسم «أيام فاس الدامية».
اندلعت «أيام فاس الدامية» كطلقة بارود في سماء هادئة، إذ لا أحد توقع أن تأتي الثورة من جانب الجيش. إلا أن استعجال الإدارة الفرنسية لإدخال إصلاحات جديدة، في صفوف الجيش المخزني، تسبب في انتفاضة أربعة طوابير أقدم أفرادها على قتل الضباط الفرنسيين المشرفين على تدريباتهم، قبل أن ينتشروا في شوارع المدينة ويفتحوا النار في وجه كل فرنسي سيء الحظ يقع في طريقهم. فيما بعد، التحقت بهم ساكنة المدينة ليتحول تمرد العسكر إلى انتفاضة شعبية ضد الحماية الفرنسية، تطلب إخمادها ثلاثة أيام كاملة. وفي الحقيقة، لم يكن تمرد الجنود المغاربة إلا الشرارة التي أشعلت نار الانتفاضة، أما الأسباب العميقة فتكمن في الاحتقان الحاد الذي خلفه انكشاف خبر توقيع معاهدة الحماية قبل أسبوعين، وهو التوقيع الذي أراد المولى عبد الحفيظ أن يبقى سرا إلى حين إيجاد ترتيبات للوضعية الجديدة، أو على الأقل حتى يغادر السلطان العاصمة فاس.
انكشاف سر الحماية
في 24 من مارس 1912 وصل الوزير الفرنسي المفوض أوجين رينيو إلى فاس قادما من طنجة، وفي حقيبته نص معاهدة الحماية، وكله عزم على انتزاع توقيع المولى عبد الحفيظ. هذا الأخير، وبمجرد ما انتهى إلى علمه خبر مغادرة السفير رينيو لبلاده في تجاه المغرب، حتى أعلن نيته التنازل عن العرش والاعتزال في قصره. من جهته، كان رينيو مهيأ لكل الاحتمالات بما فيها امتناع السلطان عن التوقيع أو حتى إمكانية اندلاع ثورة شعبية، خاصة إذا ما قرر المولى عبد الحفيظ إعلان الجهاد.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 15 من مجلتكم «زمان»