لن يكون بمستطاع عبد الإله بنكيران المنافسة مجددا على زعامة حزب العدالة والتنمية، بعدما أبعده إخوانه، للمرة الثالثة في مساره السياسي.
خلق المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، في دورته المنعقدة أخيرا، المفاجأة حين صوتت أغلبية أعضائه ضد تغيير مادة في القانون الأساسي للحزب، تفتح أمام أمينه العام باب المنافسة على زعامته لولاية ثالثة. خلافا للتوقعات التي كانت ترجح احتمال المصادقة على هذا التعديل، جاءت نتائج المجلس الوطني لتحسم إبعاد عبد الإله بنكيران عن صدارة المشهد، وتحسم في نفس الوقت الصراع حول الخط السياسي للحزب بعد ما سمي أزمة تعثر تشكيل الحكومة. وهو الخلاف الذي تركز، في جوهره، حول رفض بنكيران، رئيس الحكومة المعين، شروط عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، بإبعاد حزب الاستقلال من تشكيل الحكومة، ثم اشتراط دخولها باسم أغلبية من أربعة أحزاب. لكن سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، وافق على تشكيل حكومته دون اعتراض على شروط أخنوش، بعد تعيينه خلفا لبنكيران في رئاسة الحكومة. هذه التطورات خلقت خلافا داخل الحزب حول خطين سياسيين متباينين، وبات مرتقبا أن يبث هذا الخلاف بمناسبة مؤتمر الحزب المنعقد في 9 و10 دجنبر الجاري، لولا أن رفض الولاية الثالثة لعبد الإله بنكيران حسم الأمر.
هكذا، وجد بنكيران نفسه، مرة أخرى، مبعدا من طرف إخوانه في حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسي لحركة التوحيد والإصلاح، بعد أن عاش هذه التجربة مرتين في مشواره الطويل. فمنذ سنة 1981 وعبد الإله بنكيران يحتل صدارة “الجماعة الإسلامية” بعد أن قادها رفقة عدد من الأطر للانفصال رسميا عن تنظيم الشبيبة الإسلامية. وتوج، رسميا، رئيسا للجمعية التي أسستها هذه الجماعة في مدينة الرباط سنة 1983، قبل أن تشمل فروعها مدنا أخرى. لكن “الزعيم”، الذي تصدر في هذه الفترة المراجعات الفكرية والسياسية لهذا الفصيل من الإسلاميين، أبعد عن القيادة لصالح محمد يتيم في سنة 1986، إثر تصاعد الخلافات حول هذه المراجعات. «معارك حول كل شيء بين الفكر القديم والجديد، حتى أوشكنا أن نفترق بسبب الخلاف حول وثيقة أنجزناها حول موقفنا من النظام سنة 1988، فاضطررنا للاتفاق حول روح الوثيقة، ثم تصارعنا حول تأويل هذه الروح»، كما روى بنكيران في الحوار المطول الذي خص به “زمان” (العدد 21) حول مسيرته. لكنه عاد بعدئذ ليقود جماعته نحو العمل السياسي الحزبي، موازاة مع وحدتها مع جمعيات دعوية أخرى. ثم أبعد عن القيادة سنة 1994، ليعوضه محمد يتيم مجددا. “كانوا متفقين مع الخط السياسي ويرفضونني فقط كشخص (عياو مني).
على واجهة العمل الحزبي، أيضا، كتب لبنكيران أن يعيش “مبعدا” عن القيادة منذ سنة 1996 بسبب خلافات مع عبد الكريم الخطيب، الأمين العام للحزب الذي بات يسمى “العدالة والتنمية”، إبعاد سيدوم هذه المرة طويلا، مع استمرار تأثير الرجل في إعلام “التوحيد والإصلاح” خصوصا، فضلا عن الواجهة البرلمانية. وبينما كان الجميع يتوقع استمرار سعد الدين العثماني أمينا عام للحزب، لولاية ثانية، في مؤتمره لسنة 2008، فوجئ الجميع بالمؤتمرين يختارون بنكيران أمينا عاما، ليتصدر منذ تلك اللحظة المشهد السياسي، خاصة بعد توليه رئاسة الحكومة غداة الانتخابات السابقة لأوانها سنة 2011.