كان إدريس الجعيدي السلاوي ضمن وفد مغربي زار أربع دول أوربية هي، على التوالي، فرنسا وبلجيكا وإنجلترا ثم إيطاليا. وحين عاد الوفد، كان الجعيدي الوحيد الذي أرخ لتلك الرحلة أو “الوحلة” كما وصفها.
تلقى المغرب صفعتين عسكريتين قويتين، في كل من إيسلي سنة 1844 وتطوان 1859-1860، كشفتا عن ضعفه وعجزه، وأزالتا عنه حجاب الهيبة. ووفرت اتفاقيات غير متكافئة مع الدول الأجنبية السماد الضروري لنمو واستشراء نبتة خبيثة اسمها الحماية القنصلية، جرى زرعها على مهل في التربة المغربية منذ القرن الثامن عشر. وجاءت المعاهدات التي وقعها المغرب مع بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع كل من بريطانيا سنة 1856 وإسبانيا سنة 1861 وفرنسا سنة 1863 لتطلق يد المحميين والأجانب، تجارا وسفراء وقناصل، للعبث بسيادة البلاد واستقرارها، مما أفرز وضعا نشازا عقد مهمة المخزن في تدبير شؤون البلاد، وخلق جوا ملبدا قٌدر للسلطان المولى الحسن أن يتولى الحكم فيه سنة 1873. فكان من الطبيعي أن يسارع إلى كشف هذه الغمة المزدوجة، التي أناخت بكلكلها عسكريا وسياسيا على البلاد، عبر آليات للتواصل وفتح أبوب الحوار مع الدول الأجنبية «المهتمة بالشأن المغربي» عصرئذ، لطرح هذه القضايا المؤرقة على بساط المناقشة أملا في المعالجة. هكذا بعد أن استقبل السلطان الجديد عددا من سفراء الدول الأجنبية، الذين زاروا قصره للتهنئة، استقر رأيه في البداية على إرسال سفارة إلى باريس سنة 1875 للشكر على التهنئة، وعرض ما كان يشغل باله من مضايقات تصدر عن الجانب الفرنسي.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 34-35 من مجلتكم «زمان»>