تقترح عليكم مجلة “زمان” في هذا العدد الخاص بشهر غشت، العودة إلى الجذور التاريخية والأصول الدينية لإمارة المؤمنين. ويتطرق الملف لمحاولات الدولة الموحدية الاستقلال عن خلفاء الشرق، والتأسيس لإمارة للمؤمنين خاصة بالمغرب. كما يتناول، أيضا، إمارة المؤمنين على عهد العلويين، الذين حاولوا من خلالها ضبط الحقل الديني. تقرؤون، كذلك، حول مفهوم الإمارة في عهد الحسن الثاني، وعهد محمد السادس الذي عمل على تحديثها دستوريا، وجعلها تتوافق مع متطلبات الحاضر. قراءة ممتعة.
أصبحت إمارة المؤمنين في عصر الموحدين مؤسسة قائمة بنفسها وأداة إضافية للحكم، تكاد تستقل عن ما سواها من مؤسسات. ولترسيخ الأمر ظهرت طقوس جديدة/قديمة، منها البيعة التي أخذت بعدا وحمولة غير مسبوقة ، حاول من خلالها الحكام الموحدون إنشاء خلافة مستقلة تماما عن المشرق.
وحرص الأمير أو الخليفة عبد المومن منذ توليه الحكم على تطوير المراسيم المتعلقة بتقديم البيعة أو تجديد الولاء. شكلت الاحتفالات والاستقبالات الرسمية مناسبة لتمرير الخطاب السياسي للحاكم وأذكته هبة خاصة. فكانت النخب تتهافت على قصر الحاكم من جميع أرجاء “الإمبراطورية السعيدة”، حتى من الأندلس وإفريقيا (تونس). ويمكن اعتبار هذا التحول كمحاولة للرجوع إلى التقليد الأصلي الذي كان سائرا على عهد الخلفاء الراشدين.
البروتوكول، الرموز، الإشارات… كل الموروث الاستراتيجي الذي نعرفه اليوم نابع من تجربة الموحدين على وجه الخصوص. بغض النظر عن الخلافة نفسها، أصبحت الإمارة محورا رئيسا في مضمون السلطة والحكم. وصارت الطقوس الموازية، كالبيعة وحفل الولاء، أهم موعد يضربه السلطان للمجتمع، شعباً ونخباً.
وهنا اكتسبت البيعة طابع “الصفقة”، أي العقد والعهد، بين الحاكم والمحكوم، الدولة والمجتمع. يظهر هذا جليًّا لما أضفى عبد المومن طابع الملك الوراثي للحكم. وهو التواء للمنطق السائد في زمن الخلافة الراشدية. فأصبحت البيعة محاولة لإضفاء شرعية الخلافة على الوافدين الجدد من حكام الموحدين.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 82 من مجلتكم «زمان»