هل يمكن لفيلسوف مضى على غيابه أكثر من ثمانية قرون أن تسهم كتاباته في الإجابة عن إشكالات عصر لم يَخْبره، بل وأصبح فيه أرسطو، الذي كان يعتبره السّلطة العلمية التي لا تنازع، والنموذج المحسوس للكمال الإنساني، باهت السلطة، مخدوش الكمال؟
نروم في هذه المقالة الموجزة أن نتحدى التّغير والصورة المثلومة وأن نفترض، ونحن نستدعي روح ابن رشد من خلال نصوص نقرأها اليوم، وكأنها كتبت بالأمس القريب، أن ابن رشد لم يخبُ نجمه وأن معاصرته تتغذى من قلقنا على ما آل إليه واقعنا، ومن حرصنا على مكانة العلم النظري في مجتمعات غلّبت العمل على النّظر، وسطح عوامّ فقهائها شريعتها، وأفرغوها من حمولتها الفلسفية.
اختلفت صور ابن رشد وتعددت، فحين الحديث عن ابن رشد، لابد أن نتساءل عن أي ابن رشد نتحدث؟ هل عن ابن رشد اللاتيني الذي حيِكَت صورته من خلال تأويلات نظرية العقل والحقيقة المزدوجة؟ وقد أبرز برونيه، في كتابه عن “ابن رشد المقلق“، كيف تم تقديم ابن رشد إلى الفضاء اللاتيني، وقد نُسِبت زورا إليه نظريات ثلاث: نظرية مفارقة العقل للأفراد، ونظرية وحدة العقل لكل الجنس البشري، ونظرية أزلية العقل حتى أنهم لما شيطنوه، ألقوا به إلى الهامش، وأصبح القريب الغريب، وكل من خرج من مفكريهم عن النسق العام رُمِيَ بالرّشدية تزهيدا فيه وتخسيسا له، ولم يسلم ديكارت ولا كانط من ذلك. وقد سار إرنست رينان، في مؤلفه “ابن رشد والرشدية“، والذي أحيا ابن رشد في الغرب، على النهج نفسه، وإن كان ربط ابن رشد بأرسطو ربطا ضروريا، بل اعتبر فلسفته ترجمة لفلسفة أرسطو.
إبراهيم بورشاشن
تتمة المقال تجدونها في العدد 94-95 من مجلتكم «زمان»