سابقت إسبانيا الزمن قبل صدور قرار دولي يمنع إنتاج الأسلحة الكيماوية، وجربتها في الريف. لم تقصف جيش الخطابي وحده، وإنما استهدفت الناس والأرض. وما تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم.
من جملة ما يطالب به المتظاهرون بالريف حق الولوج للخدمات الصحية، وعلى وجه الخصوص، ضرورة توفير وتجهيز مستشفى مختص في علاج السرطان. يرجع مصدر هذا المطلب إلى ما حصل خلال حرب الريف في بداية العقد الثاني من القرن العشرين، لما استعمل الاستعمار الإسباني الغازات السامة لهزم بنعبد الكريم الخطابي وقواته، وفرض السيطرة الإسبانية على المنطقة. ما هي خبايا تلك الحلقة من تاريخ المغرب؟ وماذا يمكن استنتاجه منها؟ من أجل الإجابة عن هذا السؤال، سنذكر بما حصل خلال تلك الأحداث، ثم سنتطرق إلى بعض التبعات التي تمخضت عنها، وعلى وجه الخصوص، عدم اهتمام السلطات المغربية بهذا الموضوع.
إذا كان من غير الضروري هنا التذكير ببطولات محمد بنعبد الكريم الخطابي، خصوصا بعد انتصاره بمعركة أنوال في يوليوز 1921، فإنه يجب التذكير بأن الجيش الإسباني، بمشاركة الجيش الفرنسي كذلك، استعمل الغازات السامة ليس فقط ضد جيش بنعبد الكريم، ولكن كذلك ضد المدنيين والسكان عامة. وإذا كانت إسبانيا قد استعملت تلك الأسلحة قبل معاهدة جنيف لسنة 1925 التي تحظر إنتاج وتخزين واستعمال تلك الأسلحة الفتاكة، فإن المجتمع الدولي كان بصدد مناقشة منع تلك الأسلحة عندما استعملتها إسبانيا بالريف، وكانت مدريد على علم بتلك المفاوضات، وكذلك بأخلاقيات العلاقات الدولية المتعلقة بتلك الأسلحة. هذا يعني أن إسبانيا استعملت الأسلحة الكميائية بالريف وهي على علم بموقف المجتمع الدولي منها وبعواقبها الوخيمة وآثارها السلبية على ساكنة الريف.
نزار المساري
تتمة المقال تجدونها في العدد 45 من مجلتكم «زمان»