لم تحل السلطة دون أن يكون الباشا الگلاوي محبا للكتب، فقد كان يملك أهم مكتبة في مراكش. اقتنى بعض محتوياتها، كما استولى على أخرى من بينها كتب تعود للسلطان مولاي يوسف بعد وفاته.
شهدت مراكش، منذ تأسيسها، دينامية ثقافية وفكرية من أبرز تجلياتها تضاعف خزائن الكتب العمومية والخاصة. وقد استمر الأمر على هذا النحو إلى مطلع القرن العشرين، حيث ظهرت مكتبات خاصة لأسر وأفراد من أهل العلم، يصعب حصرها أو معرفة محتوياتها بشكل دقيق، إلا ما اشتهر منها، مثل مكتبة العلامة محمد بن عثمان المسفيوي المراكشي (توفي سنة 1945)، ومكتبة القاضي العباس بن إبراهيم المراكشي (توفي سنة 1959)، ومكتبة الفقيه عبد الجليل بلقزيز (توفي سنة 1967). لكن أهم خزانة خاصة في مراكش خلال هذه المرحلة من حيث حجمها وقيمة محتوياتها، هي خزانة الباشا التهامي المزواري الگلاوي، الذي كان «مثل العديد من المستشرقين، جماعا للكتب الجميلة المُرونقة، كما أن العديد من الأوراق المزخرفة والمذهبة من بقايا المكتبات المغربية القديمة مرت عبر يده»، وفق سكوت أوكونور.
لم يُحدد صلاح الدين المنجد، مدير معهد المخطوطات العربية، أثناء زيارته للمغرب في الخمسينات من القرن الماضي موقع خزانة الگلاوي بدقة، بل كان تحديده عاماّ، فقال: «وهي في أحد قصوره الثلاثة»، والشيء نفسه بالنسبة لمحمد عبد القادر أحمد المشتغل في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالقاهرة، في بحثه حول المخطوطات العربية بالمغرب، لكن ابن الباشا عبد الصادق الگلاوي يزيد على ذلك بقوله أثناء حديثه عن قصر الگلاوي: «وتحتوي هذه البناية التي حرص الباشا الگلاوي على تخصيصها لنفسه على مكتبة في الطابق السفلي، بمكتبته وأرشيفه الرسمي والشخصي». والغالب على الأمر أن القصر المعني هنا هو دار الباشا الكائنة في حي الرميلة بمُراكش.
سمير أيت أومغار
تتمة الملف تجدونها في العدد 63 من مجلتكم «زمان»