لم يتجاوز دخول المغاربة إلى أوربا خلال العصر الوسيط البعثات السفارية، فيما يطرح وصول التجار المغاربة إليها كثيرا من علامات الاستفهام.
شكل غياب أسطول فعال أحد عوائق تطور الاقتصاد المغربي، فغيابه يفيد أن السلطة المغربية خلال العصر الوسيط لم تتحكم في السوق العالمية لعصرها، ومعناه أيضا أنها لم تفكر في حماية الإنتاج المحلي، وبالتالي لم تتحكم في اقتصادها ولا في مستقبل مداخيلها على المدى البعيد. فالمتحكم في البحر عصرئذ كان دوما هو المتحكم في الثروة، والبحر لم يكن ليقبل إلا سيدا واحدا.
لعل إهمال السلطة المغربية للأسطول خلال العصر الوسيط ناتج عن الدور الذي قامت به على مستوى الاتصال التجاري بالخارج وخاصة في اتجاه الضفة الشمالية، فهي لم تكن تبتغي إلا التجارة موردا أساسا لثرائها، إن على مستوى استفادتها من العائدات الجمركية، أو باحتكار بيع السلع المغربية. لذلك، فإنها لم تفكر بتاتا في الاتصال بالأسواق الخارجية مباشرة عن طريق البحر، مفضلة الاكتفاء بدور الوساطة السهلة المربحة، تاركة بذلك المجال للتجار الأوربيين خاصة الجنويين والبيزيين والأرغونيين احتكار التجارة الخارجية المغربية. وعلى العكس من ذلك، أسهمت السلطة أحيانا في تعطيل حركة النقل البحري والرواج التجاري عن طريق استنفار السلاطين للبحرية، وتجميعهم للسفن من الموانئ والمراسي ببحارتها، وإيلائهم اهتماما أكبر للجانب العسكري على حساب التجاري، في وقت لم يكن هناك تمييز في الأصل بين الأسطولين التجاري والعسكري. فالاعتناء بالأسطول، عموما، عرف تراجعا منذ عهد أبي الحسن المريني سواء بعد هزيمة طريف أمام النصارى عام 741 هـ/ 1340م، أو إثر تحطم أسطوله بعد هزيمة القيروان الشهيرة سنة 748 هـ/ 1349 م، وازداد الأسطول تدهورا بعد عهد هذا السلطان.
فهل أسهمت هذه الوضعية في تقليص الدور التجاري المغربي في المجال المتوسطي، وبالتالي قلة توافد التجار المغاربة على الموانئ الأوربية؟
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 21 من مجلتكم «زمان» حاليا في الأكشاك