في سنة 1966، أعلن الملك الحسن الثاني عن إقرار التجنيد العسكري الإجباري. قرار لم يخل من حمولة سياسية في ظروف اجتماعية مشحونة كان يعيشها المغرب، غداة انتفاضة سنة 1965، بالتزامن مع بداية هيمنة القيادات العسكرية على مفاصل الدولة.
في سنة 1966، أدلى الملك الراحل الحسن الثاني للصحافي الفرنسي سيمون لاكوتور بتصريح شهير ما يزال في الذاكرة حول “ضباطه الأعزاء” الذين لا يمارسون السياسة، ويشتغلون بنجاعة وكفاءة من أجل تطور البلاد. رجال نزهاء يسهرون على حسن تطبيق المشاريع، ينفذون الأوامر بنكران ذات وحس التزام. وكأن الحسن الثاني كان يقول بأن العساكر وحدهم القادرون، نظرا لمؤهلاتهم التقنية وقيمهم الأخلاقية والوطنية غير المسيسة، على قيادة قطار التنمية.
يحدد الملك في كلامه، بشكل واضح، العقيدة الاجتماعية للجيش، وفي إطار هذه الروح سيعلن في التاسع من يونيو من السنة ذاتها، عبر توقيع الظهير الملكي 137-66، عن إقرار الخدمة العسكرية الإجبارية، حدث ذلك بعد سنة ويومين من إعلان حالة الاستثناء في البلاد، التي تم إقرارها بعد حالة الوهن التي أصابت جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية (الفديك) حزب الدولة وقتئذ، إذ أصبح البرلمان غير متحكم فيه، وكان بعض أعضاء الأغلبية يتعاونون مع أعضاء المعارضة بل ويصوتون أحيانا لصالحها، معارضة قوية وحاضرة باستمرار، أكثر تعليما واطلاعا ولديها أرفع القادة. كان يقود هذه “المعارضة الوطنية” التي تستحق هذا اللقب الذي يطلق عليها أسماء من قبيل علال الفاسي، عبد الرحيم بوعبيد، عبد اللطيف بنجلون وعباس القباج، وكانت هذه المعارضة تنتزع أحيانا تصفيق حتى الأغلبية التي لم تعد على كلمة واحدة. كان هذا التغير في المواقف أو الانشقاق الذي قد يوصف بأنه “خيانة عظمى” ما يزال ممكنا في وقت لم يكن يستطيع نظام الحسن الثاني أن يفرض ولاء مطلقا كيفما كانت الظروف على مؤيديه ومناصريه. هكذا، كان الجميع تقريبا في البرلمان ينتقدون النظام بدرجة معينة، فحتى أحمد رضا اكديرة وعبد الكريم الخطيب كانا يعبران عن وجهات نظر نقدية بخصوص السياسة الملكية.
الجيش والولاء التام للملكية
في الشارع، لم يكن المناخ العام مؤيدا للنظام، فقد كانت الاحتجاجات الشعبية في مارس لسنة 1965 تحديا لشرعية النظام. في الجهة المقابلة، لم يخرج أحد في مظاهرات مضادة لتأييد النظام، ووحدهما جهازا الأمن والجيش من تكلفا بعملية إعادة السيطرة على زمام الأمور بتكلفة باهظة قوامها المئات من الشهداء وآلاف المصابين والمعتقلين.
تتمة الملف تجدونها في العدد 60 من مجلتكم «زمان»