ما تزال المصادر تعدم الكثير من المعلومات حول الحجاج المغاربة الأوائل الذين قصدوا مكة. ومع ذلك، يمكن القول إن الحج ساهم، باستمرار، في تشكيل الهوية المغربية.
يظل الحج إلى مكة، حتى اليوم، الرابط الأكثر قوة والأكثر استمرارية بين المغرب والعالم العربي. ويمكن اعتباره، أيضا، مفتاحا ذا أهمية كبرى لفهم العلاقات، التي استمرت في الزمان، بين المشرق الإسلامي والمغرب. وفي الواقع، أحدث الحج قطيعة، حيث مررنا من مغرب قديم «مُرَوْمَن» وساحلي إلى مغرب اتجه نحو الشرق العربي، وهو فضاء أضحى، حينئذ، متمردا ويحمل كل بذرات التحول والتغيير.
وراء الحالات الطارئة التي أحدثتها فتوحات الولاة الأوائل، التي تسببت في علاقات متقلبة بين الخليفة والممالك المحلية، اندرج الحج والروابط التي نسجها على المدى البعيد، مؤثرا بشكل مستمر، في البنيات والعقليات. ربما، لذلك السبب، ينظر إلى الحج كأنه حبل السرة الذي يربط المغرب والمشرق بطريقة عضوية.
لم يكن الحج يغطي المجال الروحاني فقط، بل كان هناك من يؤديه، أيضا، لاكتساب العلوم، أو لأهداف تجارية وسياسية، وبدرجة أقل لأهداف عسكرية. غير أن الطرق، التي كان يسلكها هؤلاء أو أولئك، كانت تنتهي بالتقاطع.
لم ينحصر الحج، عند المغاربة، في الشعائر الدينية. بل ساهم، بالعكس، في تشكيل عقليات، خاصة فيما يتعلق بالأساطير المؤسسة، التي اشتهرت منها، بشكل خاص، أسطورة سبعة رجال كبار من ركراكة. كان يتحدر أولئك الرجال من قبيلة أمازيغية تحمل نفس الاسم.
لطفي بوشنتوف
تتمة الملف تجدونها في العدد 34-35 من مجلتكم «زمان»