تمثل العقل الإسلامي الحرية في انسجام تام مع محيطه المجتمعي المحافظ، وإن كان هناك فقهاء مثلوا الاستثناء دعوا إلى اعتبار الحرية مقصدا من مقاصد الشريعة.
أفرزت الحرية كغيرها من المفاهيم المعاصرة القادمة مع الحداثة عدد من التساؤلات والإشكالات داخل المجال الإسلامي، بين من يرى أن الإسلام كان سباقا إلى تقرير هذه الحريات وتأصيلها، ومن يرى أنها بدعة غريبة عن المجتمعات المحلية ونذير شر قد يؤدي إلى هدمها وتفكيكها، وقول وسط، بين هذا وذاك، يحاول تكييف معاني الحرية في الفكر المعاصر، وربطها بالتراث والسياق الإسلامي، لمواكبة ما يعرفه العالم من تطورات وتحولات على مستوى القيم والأفكار. فما هي دلالات الحرية في التراث الفقهي الإسلامي؟ وكيف تفاعل الفقه المعاصر مع هذا المفهوم ومخرجاته؟ وما هي تمثلات الفقهاء المغاربة لمفهوم الحريات في سياقها المعاصر؟
من الصعب الحديث عن مفهوم الحرية ببعده الفلسفي المعاصر في سياقات ومجتمعات تأسست على سلطة الجماعة وقوة نفوذها، وفي ظل تحكم نموذج الدولة السلطانية التي ليس لها أي وعي بمعاني الحريات المدنية والسياسية والاجتماعية، وكان هاجسها الأكبر هو الحفاظ على كرسي الحكم ووحدة البلاد، دون أي اهتمام بإشاعة مفاهيم الحرية بكل أنواعها داخل المجتمع، بل على العكس من ذلك، عرفت الممارسة التاريخية للحرية في التاريخ الإسلامي كثيرا من الاستبداد والتعسف وقمع الحريات خصوصا منها السياسية.
لذلك، كان العقل الإسلامي في تمثله للحرية منسجما مع الواقع السياسي والاجتماعي، ولم يخرج في تعريفه للحرية عن بعض الدلالات اللغوية والكلامية المتأثرة بالفلسفة الشرقية، فاستعملت الحرية في مقابل الرق والعبودية، وهذا هو المعنى الغالب في استعمال الفقهاء، وفي مباحث الفقه وأبوابه، فالحر نقيض العبد، والحرة نقيض الأمة، ولهذا المعنى بعد قانوني، فالحر هو من كانت تصرفاته في شؤونه بالأصالة غير متوقف على رضا أحد آخر.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 116 من مجلتكم «زمان»