اجتمعت كل الظروف لتجعل مسار الحسن الثاني مختلفا تماما عن مسار جمال عبد الناصر. من الاختلاف إلى المواجهة، عودة لخلفيات ومحطات هذه العلاقة المضطربة.
فارقت السبل مبكرا بين الأمير مولاي الحسن ولي عهد محمد الخامس، وجمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة. اجتمعت كل الأسباب لتتفرق السبل بين الرجلين منذ بداية عهد الاستقلال. ثمة فرق كبير بين ظروف أمير يسعى بالكاد لإثبات موقعه في السلطة، ورئيس فرض نفسه زعيما لـ«الأمة العربية»، لكن رؤية الأمير للمستقبل كانت مناقضة تماما لرؤية الرئيس. لم يظهر هذا التناقض، بهذه الصورة، في السنوات الأولى للاستقلال، ليس فقط لأن مصر لعبت دورا محوريا في دعم تحرر المغرب، لكن أيضا لأن تناقض الرؤى حصل أولا بين الناصريين وقيادة المقاومة وجيش التحرير المغربي. لم يصدر في تلك الفترة ما يفيد أن لدى الناصريين أي موقف سلبي من النظام الملكي في المغرب، بل إن محمد الخامس كان موضع تقدير كبير لدى عبد الناصر. لكنهم كانوا يفضلون أن يكون جيش التحرير المغربي منفصلا عن «السياسيين»، يخوض حرب تحرير واحدة في المغرب والجزائر وتونس حتى تستقل البلدان الثلاثة عن فرنسا، بقوة السلاح. هذا ما يفسر، ربما، سعي الناصريين لجعل هذا الجيش، الذي يدين بالكثير لمصر، نواة لما يشبه حركة الضباط الأحرار في مصر. تفيد شهادات قياديين في جيش التحرير أن المغاربة فضلوا الحفاظ على استقلالية قرارهم. ثم فرضت الأحداث على الجميع انفصال مسار الاستقلال المغربي عن مسار الثورة الجزائرية… وأصبح دعم الأخيرة على رأس جدول أعمال جيش التحرير المغربي غداة الاستقلال.
حادثة الطائرة
أعلن استقلال المغرب عن فرنسا يوم 2 مارس 1956، فبدأت جولة ثانية من الصراع حول تجسيد هذا الاستقلال. موازاة مع المفاوضات الرسمية بين حكومتي البلدين، كانت عناصر من جيش التحرير تواصل استهداف الجيش الفرنسي شرق المغرب على الحدود الجزائرية، وجنوبا في موريطانيا. في تلك السنة أيضا، كانت فرنسا في صدارة أعداء عبد الناصر. فبعدما أعلن تأميم قناة السويس، قاد الفرنسيون مع إسرائيل والمملكة المتحدة، العدوان الثلاثي الذي قصف مصر.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 27 من مجلتكم «زمان»