ارتبطت شهرة عبد الكريم الخطابي، أكثر، بملامحه العسكرية، فيما يخيم الكثير من الظلال على سنواته في المنفى. “زمان” تكشف عن جزء غير معروف في حياة أمير الريف.
حظيت الانتصارات الملحمية لمحمد بنعبد الكريم الخطابي في حرب الريف (1921-1927) باهتمام كبير من طرف الباحثين والصحافيين من مختلف الحقب والبلدان. غير أن حياة أمير الريف، بعيدا عن صوت البارود، ظلت مهملة. صحيح، أننا تعرفنّا، جزئيا، بفضل أعمال جرمان عياش، عن “عبد الكريم” قبل 1921. وحظيت قصة حرب الريف، لأبعادها ورهاناتها، بنصيب وافر من الحفر والتنقيب. كما أن منفاه القاهري صاحبه اهتمام واسع، وإن كانت الكثير من الأشياء ما تزال تنتظر من يمكن أن يكشف عنها. لكن ماذا نعرف عن حياة الأمير في الفترة الممتدة من يوم استسلامه للفرنسيين في عام 1926 إلى اليوم الذي قرر فيه عام 1947 الهروب في ميناء بور سعيد؟
في الواقع، القليل جدا إن لم يكن أي شيء. والحال أن الرجل عاش حياة أخرى، طيلة 21 عاما، محاصرا مع مجموعة من أفراد عائلته الصغيرة في جزيرة لا ريينيون البعيدة في المحيط الهادئ. خلال منفاه، الأطول الذي فرضته فرنسا على “عدو” مهزوم، عاش الريفي حياة بسيطة، كان يزرع أرضه لضمان العيش الكريم له ولأبنائه الذين تزايدوا هنالك، وأصبح قلقا بشأن تعليمهم ومستقبلهم. ذلك ما دفعه إلى المطالبة، باستمرار، بوضع حد لمعاناته التي قوضت معنوياته ومعنويات أحبائه. يمكن للمرء أن يكون شخصية تاريخية عظيمة، ومع ذلك يبقى إنسانا يمتلك الكثير من نقط الضعف.
سلالة عبد الكريم
تبدأ الحكاية الأخرى لعبد الكريم، يوم 25 ماي 1926، بالقرب من تاركَيست. عندما وجد نفسه محاصرا بين جيشين، طلب الأمير “الأمان” من الفرنسيين الذين منحوه إياه، أمام استياء الإسبانيين الذين كانوا يريدون إعدامه بسبب الخسائر الكبيرة التي ألحقها بجيشهم. نُقل إلى تازة ثم فاس حيث افترق عن عائلته، قبل أن يتم اقتياده، يوم 28 غشت 1926، إلى ميناء الدار البيضاء أين كانت باخرة “عبدة” راسية التي أبحرت إلى مارسيليا بمجرد ركوبه. منذئذ، لم ير بلاده مجددا. في تلك الفترة، لم يكن السلطان مولاي يوسف يرغب في وجوده في المغرب، وطلب بنفيه إلى السينغال. غير أن الفرنسيين، الذين لم يرغبوا أيضا، في بقائه بفرنسا حتى لا يثيروا غضب حلفائهم الإسبان، قرروا، في النهاية، ترحيله إلى جزيرة لاريينيون، بعدما سبق أن فكروا في نفيه إلى مدغشقر.
عدنان السبتي
تتمة المقال تجدونها في العدد 82 من مجلتكم «زمان»