جذبت هضبة مرشان، منذ القديم، شعوبا كثيرة لموقعها الذي يلتقي فيه المتوسط والأطلسي. وباعتبارها كذلك، كان الجميع يرى أن من يتحكم فيها يتحكم في طنجة.
أثارت الهضبة، التي أضحت تعرف بحي مرشان بطنجة، انتباه شعوب كثيرة وصلت إلى المنطقة في فترات تاريخية غابرة. فقد أنشأ الفينيقيون عليها مركزا تجاريا تطور مع الأيام، حيث تحول إلى موقع حضاري يحاذي ساحل مجمع البحرين على النقطة التي يلتقي فيها البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلنتيكي. وقد كشفت الأبحاث الأثرية بالمكان عن وجود ما من شأنه تأكيد الحضور الفينيقي بتلك الهضبة. وفي هذا الصدد، تم العثور، خلال الحفريات التي قامت بها بعثة علمية فرنسية سنة 1910، على مقبرة بها أربعة عشر مدفنا محفورا في الصخور المشرفة على البحر شرق مرشان، تعود لهذه الفترة التاريخية. وبحلول سنة 1952، عُثر في المكان نفسه على سبعة عشر قبرا ما زالت آثارها ظاهرة إلى اليوم، كما مكنت الأبحاث من الكشف عن آثار وبقايا مسرح مدرج بالقرب من تلك المقابر، ذهب علماء الآثار، الذين أجروا أبحاثهم بالمنطقة، إلى أن المقابر التي كشفوا عنها يحتمل أن يعود وجودها إلى فترة ما قبل التاريخ. وعندما حل الفينيقيون بطنجة، حوالي عام 1450 قبل الميلاد، استعملوها لدفن موتاهم، ثم سار على نهجهم من جاء بعدهم من قرطاجيين ورومان.
ليس هناك ما يمكِّن من تحديد أصل تسمية مرشان أو ضبط زمن ظهورها تاريخيا، فهناك اختلاف في الروايات بخصوص هذا الاسم. ذهب البعض أن حرف الشين في لفظ مرشان أصلها جيم حيث كانت تنطق مرجان كناية على مرجتين مائيتين كبيرتين كانتا بذلك المكان، إلا أن كثرة استعمال الاسم بين الأهالي قلب الجيم شينا، كما أن هناك من ينسب هذا الاسم إلى قائد أو طبيب فرنسي كان يدعى مرشان، غير أنه من المرجح أن مرشان ينسب إلى بلدة أندلسية تعرف بمرشانة، قدم منها الكثير من الأندلسيين الذين استقروا بطنجة بالهضبة التي أضحت تحمل اسم مرشان نسبة إلى البلدة التي قدموا منها.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 82 من مجلتكم «زمان»