فيما اختار عدد من ضحايا سنوات الرصاص التصالح مع النظام في وجهه الجديد، دون أن يغفروا للنظام القديم، رفض عدد من رفاقهم على اعتبار أن المذنبين الحقيقيين لم يطلهم العقاب المستحق.
تأتي هذه الكلمات أو المصطلحات، “العفو أو الصفح أو الغفران“، من سجل ديني، وترتبط أيما ارتباط بالذنب المرتكب الذي تجب الكفارة عنه. وإن كان طلب الصفح أو العفو يتم بعد ارتكاب ذنب في حقا لله أو الأب، ويتم بكفارة قد تكون بالانتحار كما هو الشأن باليابان وهو ما يسمى بالهاراكيري ،(Harakiri) وهي ممارسة يابانية تقليدية للانتحار الطقسي، وغالبًا ما يُفسر كفعل للحفاظ عن الشرف بدلاً من التوسل للعفو .تاريخيًا، كان يمارسه الساموراي لتجنب العار، والحفاظ على الشرف، أو كشكل من أشكال الاحتجاج .وعلى الرغم من أن البعض قد يفسر الهاراكيري كوسيلة لتكفير الذنوب أو طلب العفو، إلا أن التركيز يكون عادةً على الحفاظ على الشرف الشخصي والعائلي، وليس على طلب العفو بحد ذاته. ومع ذلك، فإنه يسعى إلى غسل الذات من الأذى لحق بها. ولكن على الرغم من ذلك، فإن طريقة اليابانيين تقابلها طريقة الكفارة عند حضارات حوض البحر الأبيض المتوسط وما بين النهرين والهلال الخصيب التي تعمد إلى الانتحار أو بتر عضو من الجسد كما في الميثولوجيا عندما عمد أوديب إلى فقئ عينيه. هذا نوع من التكفير واليأس إزاء الكشف عن أفعاله، غير المقصودة، لقد قتل أباه وتزوج من أمه. ويُمكن اعتبار هذا الفعل شكلاً من أشكال العقاب الذاتي والاعتراف بالأخطاء، حتى لو كانت مرتكبة دون علمه. وفي الكنيسة هناك ممارسة التكفير (La Pénitence) وهي التكفير عن الذنوب بالجلد الذاتي بطرق متعددة، تبعًا للسياق الثقافي والديني في العديد من التقاليد، تُعتبر هذه الأفعال شكلاً من أشكال التجربة الجسدية التي تهدف إلى تطهير الروح، وكفارة الذنوب، أو تطوير الحالة الروحانية. وقد يقابلها عند الشيعة لطم الخدود وشق الجيوب وضرب الرؤوس بالسيوف والفؤوس، ونحوها من الأدوات الحادة في عاشوراء. وتوجد هذه الممارسات عند بعض الطرق المغربية من أمثال عيساوة، وكناوة، وجيلالة، وحمادشة وغيرها .وهذه الطريقة في طلب الصفح والتطهير من الذنب توجد عند جميع الشعوب.
موليم العروسي
تتمة المقال تجدونها في العدد 123 من مجلتكم «زمان»