يعود المحجوب السالك، مؤسس حركة «خط الشهيد» وهي أول حركة احتجاجية داخل جبهة البوليساريو، إلى المحطات الأساسية في تاريخ النزاع بين المغرب والجبهة، كما يتحدث في هذا الحوار، الذي أجرته معه «زمان» عن الأوضاع داخل مخيمات تندوف، وعن الدور الذي تلعبه الجزائر لإطالة أمد النزاع.
«جئت حاملا غصن زيتون»، قال المحجوب السالك أمام جمهور متنوع ملأ القاعة عن آخرها في ندوة نظمت بالرباط يوم 9 أبريل 2015.
ثم أضاف: «إذا كنت هنا اليوم، فلأن المغرب الآن هو غير المغرب الذي غادرته في عام 1972».
بنى السالك تاريخه، رفقة أقرانه، في المقاومة من أجل تحرير الأراضي الصحراوية، إذ شارك، عام 1972، في مظاهرة طانطان التي دعت إلى تحرير «الصحراء الإسبانية». وكان من بين الذين «بطشت بهم» السلطات المغربية آنذاك. تبعا لذلك، التحق بصفوف البوليساريو حاملا للسلاح والكلمة في الوقت ذاته.
كان السالك ضمن الدائرة الضيقة لرفاق قائده الكاريزمي مصطفى السيد، المعروف بلقب «الولي»، وكان شاهدا على أسراره ونكساته.
غير أن الصراع «النبيل» الذي قاده شباب البيضان من أجل تحرير الصحراء سرعان ما غرق في مستنقع لعبة جهوية ودولية، لم يكن الخاسر الوحيد فيها إلا ساكنة انتزعت من أهاليها ومن أرضها، وأرغمت على الدخول في مغامرة وهمية ومؤلمة.
المحجوب السالك عاش التجربة المريرة ذاتها، لأن عناصر البوليساريو البوليسية، التي بدأت تخدم أجندة أخرى غير تلك التي أًُعْلِن عنها، لم تكن رحيمة معه، وقضى تسع سنوات متتالية في زنازين الذين كانوا يعتبرونه أخاهم في النضال.
فهل غير السالك قناعاته؟ يمكن الجزم بالنفي، فقد ظل وفيا للخط الأول للنضال الذي تبناه، تأسيسا على تأملاته لوضع المخيمات في تندوف، ولتطور المغرب، ولعلاقة الجزائر بالقضية. كل هذا دفعه إلى أخذ مسافة عن قيادة البوليساريو التي لم يعفها من انتقاداته. لم يختر السالك العودة للمغرب كما فعل كثيرون، لأن الأمر، بالنسبة إليه، لا يتعلق بإيجاد مخرج شخصي أو تدبير مسار آخر، بل بإيجاد حل للذين وجدوا أنفسهم في مغامرة لا يفهمون مآلاتها، ويؤدون ثمنها يوميا، باستمرار التمزق وعدم الأمان والانتهاكات واليأس.
الآن، يجب القطع مع الماضي. ليس داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث يسود محترفو الكلام وتقنيات التفاوض، يمكن صياغة الحل، بل لا يمكن صياغته إلا عبر نقاشات حرة وصريحة.
يعتبر الحكم الذاتي مبادرة إيجابية، كما قال للصحافة المغربية، على هامش منتدى حقوق الإنسان الذي انعقد بمراكش في نونبر 2014.
يتبنى السالك حلا وسطا، يقول إنه وفي للطريق التي رسمها «الشهيد» الولي.
كما يريد، وهو غيض من فيض، أن يعطي لأفكاره ولتحركاته معنى. ويريد أن يستمر حاملا للمشعل ووفيا للتاريخ ولأهله. لذلك يمكن القول إنه صوت يجب سماعه لتعبيد طريق السلم في المنطقة، ولتأمين العيش الكريم لصالح الجميع.
كيف تقدمون «خط الشهيد»؟
تضم حركة «خط الشهيد» مجموعة من المناضلين والأطر والمحاربين في جبهة البوليساريو، توحدهم الرغبة في التأسيس لمعارضة سياسية ضد القادة الحاليين الذين احتكروا السلطة. كما تهدف الحركة إلى وضع حد للصراعات المفتعلة داخل المخيمات والتي تستفيد منها الطبقة الحاكمة وحدها، والتي تعمل على إطالة الوضع القائم، في الوقت الذي أصبحت فيه بيدقا مثاليا في يد الدولة الجزائرية. فبعد أربعة عقود من المعاناة مع وضع لم يعد قابلا للاحتمال، قررنا الإعلان، شعبيا، عن معارضتنا للقادة الحاليين. ويتمحور نهجنا حول ثلاث نقط أساسية، الأولى تنص على السماح للصحراويين في مخيمات تندوف بالاختيار الحر والنزيه لممثليهم، وذلك لن يكون إلا بتنظيم انتخابات حرة وديمقراطية، لأن الوقت حان لتغيير فريق استمر في السلطة منذ 40 سنة.
وتتعلق النقطة الثانية بإعمال العدالة والديمقراطية داخل المخيمات التي ما تزال تعيش على إيقاع سنوات الحرب الباردة. فيما ترتبط الثالثة باعتماد مقاربة عصرية للتناوب حول السلطة والحكامة الجيدة. ليس من حقنا تجاهل الأجيال الجديدة لصالح طغمة لم تجدد دمها منذ وقت طويل، والنتيجة أنها أصيبت بالشلل.
حاوره حسن أوريد وسامي لقمهري
تتمة المقال تجدونها في العدد 19 من مجلتكم «زمان» المنوفر حاليا في الأكشاك