كشف تفشي كورونا عن وجود مغرب مزدوج: تقليدي وعصري. الأول يستند إلى العادات والقيم المتوارثة، والثاني إلى الالتزام بالتدابير الصحية، لكن مع ذلك لا يخلو من تناقضات.
مع ظهور ثاني حالة كورونا يوم رابع مارس 2020 في الدار البيضاء، أبان المغاربة (البيضاويون) عن فضول كبير تجاوز الحدود، وتعاملوا مع المرض والمريضة وكأنها أعجوبة آتية من قصص ألف ليلة وليلة. تجمع الناس أمام بوابات المستشفى حيث كان من المفروض أن تنزل المريضة إياها وهم يتمنون التقاط صور معها… لم يكن أحد منهم يعي أن المرض حقيقي، كانوا يظنون أنه يصيب الغرباء فقط، سيما وأن السيدة المصابة كانت قد وصلت لتوها من إيطاليا. تم كل هذا على الرغم من أن مجموعة من الطلبة المغاربة كانوا قد رجعوا في أواخر شهر يناير إلى المغرب على وجه السرعة من مدينة ووهان الصينية، حيث ظهر المرض لأول مرة. عاد الطلبة وخضعوا للحجر الطبي لمدة طويلة، لكن كل هذا لم يقنع المغاربة بأن المرض خطير، وأن هناك جائحة في طور اكتساح العالم.
المغرب المزدوج
بقيت كل الخطابات في نظر الناس خطابات تلفزيونية ككل الخطابات التي يستمعون إليها، ثم يمضون لحال سبيلهم دون الأخذ بها. ثم توالت تصريحات المسئولين لتؤكد أن الأمر جدي، ولم يهتم الناس إلا في اليوم الذي أُعلن فيه عن اعتزام الدولة تطبيق الإغلاق التام. عندها استعاد المغاربة، ككل سكان العالم الذين انتشر بينهم المرض، غرائز البقاء الحيوانية. سارعوا إلى إفراغ رفوف المتاجر وتخزين المواد حتى غير اللازمة منها. فعلوا ذلك دون أدنى اهتمام بمواطنيهم الذين تأخروا عن التسوق. خزنوا المواد وأغلقوا أبواب منازلهم وكأن لسان حالهم يقول: «ومن بعدي الطوفان». ويا للمفارقة!، مقابل هذا الاندفاع الحيواني، كان هناك زخم من السخاء وفق تصريحات المسؤولين، إذ سارع عدد لا يستهان به من المغاربة إلى التبرع ماليا لصندوق كورونا الذي احدثته السلطات بالمناسبة.
موليم العروسي
تتمة المقال تجدونها في العدد 83 من مجلتكم «زمان»