وقع المغرب والجزائر سنة 1972 اتفاقا لترسيم الحدود، لم ينشر الاتفاق في الجريدة الرسمية إلا بعد 20 سنة، دون أن يصادق عليه البرلمان، ما يطرح تساؤلات حول قانونيته. “زمان” تعيد فتح هذه الصفحة الغامضة من تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية.
في غمرة التوتر الذي طبع، وما يزال، علاقات المغرب والجزائر منذ حرب الرمال في أكتوبر 1963، فتح بشكل مفاجئ قوس تهدئة وتعاون منذ قمة إفران 69 على أساس حل مشكلة الحدود، إحدى عناصر التوتر بين البلدين. توج هذا المسار باتفاق نهائي لترسيم الحدود سنة 1972، وبدل أن يكون هذا الاتفاق مصدرا لترسيخ مسار التهدئة والتعاون، تحول إلى منبع للشقاق من جديد، بل إن بعض المؤرخين وبعض شهود المرحلة، لا يستبعدون أن يكون اتفاق 72 لترسيم الحدود مع الجزائر، سببا من أسباب المحاولتين الانقلابيتين العسكريتين ضد الحسن الثاني.
بعد ذلك بأربع سنوات اعترفت فرنسا رسميا باستقلال المغرب في 2 مارس 1956، واتفق الطرفان منذ ذلك التاريخ على تشكيل لجنة ثنائية لمعالجة مشكل الحدود. لكن الحكومة المغربية فضلت الانتظار إلى حين استقلال الجزائر، فاتفق محمد الخامس مع الحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1958 على معالجة موضوع الحدود بين البلدين بعد استقلال الجزائر. رفض المغاربة معالجة الموضوع مع الفرنسيين حتى لا يعتبر الأمر طعنا للثورة الجزائرية واعترافا بسيادة فرنسا على الجار الثائر. خاصة أن فرنسا كانت تعد مشروعا جديدا لإعادة تنظيم سيادتها على مناطق شاسعة من الصحراء الغربية وما تختزنه من ثروات طبيعية. يتعلق الأمر بمشروع «المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية» المعتمد في باريس بموجب قانون 10 يناير1957. يشمل المشروع مناطق تمتد من موريتانيا غربا إلى حدود السودان شرقا مرورا بالجزائر ومالي وتشاد، تخضع عمليا لإشراف الإدارة الفرنسية. عبر المغرب عن تحفظه على هذا المشروع مطالبا بتحديد دقيق للحدود، كما يظهر في وثيقة يحيل عليها محمد معزوز بتاريخ 8 غشت 1956 عبارة عن جواب وزارة الخارجية المغربية عن مراسلة للسفارة الفرنسية مؤرخة في 2 غشت من نفس السنة، حول مشروع «المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية».
إسماعيل بلاوعلي
التتمة في العدد 9 من زمان