إذا كان عون السلطة يعتبر الحلقة الأولى في بنية السلطة اليوم، إلا أن وجوده ضارب في تاريخ المغرب، حيث كان تقديم القرية أو الحي لرجل للقيام إما بدور الوساطة بين السلطة في المدن، أو تنفيذ ما اتفق عليه أهل القرية، أول معالم هذا الظهور.
ارتبط ظهور مقدمي الأحياء بظهورها كوحدات داخل المدن بداية من زمن المرابطين لاعتبارات ترتبط بالدفاع عن مراكش في مواجهة هجمات الموحدين، وهي أحياء كان لها أبواب تقفل بعد صلاة العشاء، هذا ما أكده دوفيردان عن مراكش بالقول: «وكل أجنبي عن الحي عثر عليه في أحد أزقة الحي، سيق إلى السجن وبات فيه إلى صباح الغد».
فاس من المرينيين إلى قبل الحماية
عرفت فاس بدورها نظام الأحياء ذات الأبواب التي كان يتم غلقها وفتحها من قبل المقدمين وأعوانهم، حيث كانت المدينة مقسمة إلى عدد من الأحياء على الأقل منذ الزمن المريني. وقد كان لكل حي منها رئيس يختاره الوالي بناء على توصية أصحاب النفوذ في الحي. ولذلك، فقد كان رئيس الحي في الوقت ذاته يمثل الإدارة المركزية، إذ أنها هي التي كانت تعينه، كما كان يمثل أولئك الذين يوكل إليه أمرهم لأنهم هم الذين اقترحوا اسمه. هذه العلاقة المزدوجة وضعته في دور الوسيط، فكان يقضي الكثير من وقته مع السلطات الحكومية لسماع وجهات نظرها ولنقل آراء الأعيان في حيه إلى تلك السلطات. ثم كان ينتقل ليعرف الأعيان بنوايا السلطات، وليطلع على وجهات نظرهم محاولا حملهم على الموافقة على الرغبات الرسمية.
هشام الأحرش
تتمة المقال تجدونها في العدد 85 من مجلتكم «زمان»