ضمت لائحة المستفيدين من الحماية المعمرين الذين تأتى لهم الاستيلاء على أكثر من مليون هكتار من أجود الأراضي، والفيودالية الإقطاعية وعلى رأسها القواد الكبار، إضافة إلى البورجوازية الوطنية التي قادت الحركة الوطنية.
أحدث الاستعمار خلخلة عميقة في البنى الاقتصادية والاجتماعية للمغرب. بيد أن هذا لم يكن في الحقيقة سوى تعميق للحركية التي عرفها مغرب النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والتي أفرزت صعود بورجوازية تجارية في المدن الرئيسية، وإرهاصات تحول من الملكية الجماعية للأرض إلى الملكية الفردية كنواة أولى لميلاد الرأسمالية الزراعية في المغرب، وظهور ملامح إقطاعية محلية في عدد من المناطق. إن ما يهم هنا، انسجاما مع النقاش الدائر حاليا في المغرب عن الثروة، ليس هو رصد ملامح وتطورات الاقتصاد المغربي خلال عهد الحماية، بقدر ما هو رصد الفئات التي استفادت بصفة مباشرة أو غير مباشرة من الوجود الاستعماري. وتحديدا، كانت الفئات الثلاثة السابقة الذكر، الرأسمالية الزراعية (المعمرون) والفيودالية الإقطاعية والبورجوازية الوطنية، هي بالضبط الفئات التي تمكنت بشكل متفاوت من مراكمة الثروة خلال هذه الفترة.
الرابح الأكبر.. المعمرون
مثلت فئة المعمرين المستفيد الأول من سقوط المغرب تحت الحماية الفرنسية، حيث تأتى لها الاستيلاء على أكثر من مليون هكتار من أجود الأراضي الصالحة للزراعة. ونجحت، في ظرف 44 سنة، في تأسيس قطاع استعماري قوي عبارة عن استغلاليات واسعة تعتمد أحدث الوسائل التقنية وتحظى بمساعدة الدولة، وتوجه محصولاتها نحو التصدير إلى السوق الأوربية. جعلت هذه الامتيازات من القطاع الفلاحي الاستعماري جزيرة رأسمالية شبه معزولة عن النسيج الاقتصادي المغربي، تتوزع خيراتها على 5000 معمر أجنبي. إلا أن فئة المعمرين، وإن كانت نتاجا مباشرا للحماية، فبعض بوادرها الأولى تعود إلى ما قبل هذا التاريخ. فمنذ معاهدة مدريد سنة 1880، حصل الأجانب على حق اقتناء الملكيات بإذن من المخزن (الفصل 11 من المعاهدة).
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 13 من مجلتكم «زمان»