لم تكتسب الراية المغربية رمزية وطنية، كما هي عليه اليوم إلا حديثا، فما هي أهم مراحل تطور هذا الشعار الذي لم يكن وطنيا في البداية؟
ليس هناك من تعبير عن الهوية الوطنية أشد قوة وظهورا من العلم الوطني. فهو من بين الرموز القليلة التي توحد أبناء المجموعة الواحدة حتى عندما يختلفون في كل شيء. من ثمة قوة الشعور وعمق الإحساس المرتبطين بقطعة ثوب يموت الناس من أجلها ويخوضون الحروب كي تبقى خفاقة عالية.
التاريخ البعيد
رفعت الأمم والشعوب الراية أو اللواء منذ آلاف السنين، ليس كأمم أو مجموعات “وطنية” بل كجيوش محاربة. فاللواء هو قبل كل شيء شعار يحمله المقاتلون في ساحة الوغى ليكون شاهدا على قوتهم وبأسهم في مواجهة العدو. والفُرس، الذين ربما عرفوا رفع اللواء قبل غيرهم بآلاف السنين، كانوا يتقدمون إلى الحروب رافعين راية معدنية وليس من ثوب. وإلى جانب الراية، كانت الجيوش تتقدم إلى الحروب مصحوبة بالطبول كذلك، وغيرها من الآلات الموسيقية التي تبعث على الثبات والصمود عند اللقاء وتُرهب العدو بوقعها. لذلك، فإن الراية التي تبقى مرفوعة خلال المعركة كانت علامة للثبات وللنصر، أما إن حدث و سقطت إلى الأرض فتلك علامة الارتباك والخذلان ومؤشر على هزيمة لا ريب فيها.
والمسلمون هم كذلك رفعوا الألوية خلال الحروب، ابتداء من زمن الرسول. ويقال بأن المسلمين، زمن النبي، اتخذوا ألوية سوداء اللون مثل ما كان عليه الأمر أيام الجاهلية. وكان عمر بن الخطاب يسلم الألوية إلى أمراء الحرب، كل له رايته المتميزة.
محمد المنصور
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020