أثار قرار فتح الباب أمام النساء لممارسة مهنة “العدل” جدلا حول مدى جواز ذلك على المستوى الشرعي والفقهي، وذلك في سياق رأي أدلى به المجلس العلمي الأعلى يبيح ممارسة المرأة لهذه المهنة دون إبداء تفاصيل عن حدود هذه الإباحة.
للمرة الأولى في تاريخ المغرب، سيصبح بإمكان النساء ممارسة مهنة “العدول” التي كانت توصف بأنها مهنة ذكورية بامتياز. وجاء قرار فتح خطة العدالة أمام المرأة بقرار ملكي، اتخذ في المجلس الوزاري الأخير، المنعقد بتاريخ 22 يناير 2018. وعلى إثر ذلك، أعلنت وزارة العدل عن استعدادها لتنظيم مباراة في غضون الأشهر المقبلة لشغل 700 منصب، وهي المباراة التي يتوقع أن تشارك فيها المرأة، للمرة الأولى، بعد تخلفها عن آخر مباراة نظمت سنة 2010، رغم تعديل المادة الرابعة من القانون الأساسي للمهنة عام 2006، الذي أٌسقط شرط الذكورة. واستند بلاغ الديوان الملكي، في تبرير القرار، بالإضافة إلى الدراسة التي سبق تكليف وزارة العدل بإجرائها بهذا الخصوص، إلى رأي فقهي للمجلس العلمي الأعلى، الذي أكد جواز ممارسة المرأة لمهنة عدل. وذلك بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية المغربية وعلى رأسها المذهب المالكي. وما يزال هذا الرأي الذي أعلنته المؤسسة الدينية الرسمية المغربية غير معمم وغير واضح التفاصيل، إذ لا يعرف إن كان الرأي يبيح إشهاد المرأة بشكل مطلق، أي بما فيه عقود الزواج والطلاق، أم أن ذلك سيقتصر على العقود التجارية. لكن هذا القرار لم يمر دون أن يصطدم ببعض الأصوات الرافضة التي تستند في معارضتها على التراث الفقهي الإسلامي، والذي يقول برفض توثيق المرأة للعقود كيفما كان نوعها، على اعتبار أن شهادتها “ناقصة”. وكان حسن الكتاني، الشيخ السلفي، أبرز من أعلنوا موقفا ضد هذا القرار، معتبرا في تصريحات صحافية أن «توثيق الزواج مسألة شرعية وليست دينية حتى تكون فيها اجتهادات»، مؤكدا أنه لا مجال للشهادة أو الولاية على النكاح إلا للرجال. على عكس الكتاني وشيوخ سلفية آخرين وعدد من العدول، الذين أعلنوا صراحتهم وقوفهم ضد تأنيث مهنة “العدل”، رأى بعض المتخصصين والفقهاء أن أصحاب هذا الطرح «تقليدانيون ولديهم مشكل نفسي لا علاقة له بالدين». وأجمع هؤلاء على أن التأويل الذي يستند عليه المعارضون للآية القائلة حول شهادة الرجل التي تعادل شهادة امرأتين غير دقيق، وأن هذه الآية تفيد بصحة شهادة المرأة، وتتحدث عن استحسان أن تكون معها امرأة أخرى من أجل قطع الشك.