كان التطوانيون سباقين إلى الذهاب إلى الشرق لنيل العلم، خاصة إلى مصر وفلسطين، وحين عادوا حملوا معهم التأثيرات المشرقية.
تعتبر تطوان المدينة المغربية الأكثر مشرقية نظرا لارتباطاتها التاريخية بالمشرق العربي ولثقافتها المستمدة إلى درجة كبيرة من المنابع العربية أو التركية العثمانية. ويمكن التأكيد كذلك بأن تطوان كانت إلى وقت قريب المدينة المغربية الأكثر انفتاحا على البحر الأبيض المتوسط وحضاراته المختلفة.
كيف أصبحت مشرقية؟
في وقت من الأوقات كان للمغرب واجهة متوسطية يطل من خلالها على البحر الأبيض المتوسط وعلى شعوبه بثقافاتها المختلفة. حتى القرن السادس عشر، كان المغرب يقيم علاقات تجارية نشيطة مع مدن المتوسط بضفتيه الشمالية والجنوبية. كانت السفن تنطلق من مرسى بادس لتنقل البضائع المغربية إلى جنوة الإيطالية والإسكندرية المصرية، وبيروت في بلاد الشام. ومثلت بادس بحق، وخلال مدة طويلة، المرسى الطبيعي لمدينة فاس و”مملكتها”. ثم حدث أن فقد المغرب هذه الواجهة المتوسطية بفعل الاحتلال الإسباني لجل مدنه ومنافذه المطلة على المتوسط، بدءا بمدينة سبتة وانتهاء بمليلية والجزر الجعفرية، ومرورا ببادس وجزيرة الحسيمة. وبذلك، فرضت إسبانيا حصارا على الواجهة المتوسطية وحرمت المغرب من بابه الطبيعي الذي كان يسمح له في الماضي بالتفاعل مع محيطه المتوسطي والعربي. مدينة تطوان لا تطل على البحر المتوسط مباشرة، بل تبعد عنه بحوالي عشر كيلومترات، وهذا هو السر وراء إفلاتها من الاحتلال الإسباني واستمرارها في لعب دور البوابة الشمالية على العالم الخارجي، خاصة العالم المتوسطي والمشرق. كما أن تطوان هي مدينة حديثة التأسيس نسبيا، إذ ارتبط تاريخها بوصول الأندلسيين عند نهاية القرن الخامس عشر.
محمد المنصور
تتمة المقال تجدونها في العدد 56 من مجلتكم «زمان»