ارتبطت صورة المتصوفة بذلك النموذج المرتبك بالنسك والزهد والتقشف، المكثر من الصوم والمقل في الأكل. كان هذا هو الاتجاه العام الذي جعل المتصوفة معرضين عن الطعام، إلا ما كان منه ضروريا لاستمرار الحياة. فنصح أقطابهم مريديهم بألفة الجوع، واتخاذه طعاما روحيا. ويشكل أبا عبد الله الهزميري نموذجا معبرا لمتصوف نحيف الجسم «التصق جلده بعظمه»، بسبب زهده وجوعه، إلى درجة أن «اتخذت مؤخرته لون الباذنجان». غير هذه الصورة لا يمكن تعميمها على كل المتصوفة، كما ينبه إلى ذلك الباحث محمد حبيدة، الذي يورد في إحدى دراساته نصا منقبيا يصف النظام الغذائي لأحد صلحاء تادلة في القرن السادس عشر كما يلي: «لا يأكل إلا ما تأكل النفساء مثل بركوكش بالحليب والسمن في الفطور، والتريد بالمرق في وسط النهار، والكسكسون باللحم والإبزار في الليل [حتى أن] بعض الناس أراهم ثديه يسيل لبنا مثل ثدي امرأة».
أي نتيجة
View All Result