«السرداب» أو «الدهليز» أو «المطبق الإسماعيلي»، أو «سجن المسيحيين»، كلها أسماء تحيل في النصوص التاريخية والأدبية إلى تلك المنشأة العمرانية الشهيرة، والغريبة في الآن نفسه، التي أنشأها المولى إسماعيل في حاضرته مكناس، ثم أضحت تعرف عند العامة والخاصة «بحبس قارة».
يقترن حبس قارة عند أهل مكناس بكثير من التمثلات التي تعدها من عجائب البنيان، ومن المنشآت الغريبة التي يثير شكلها وهندستها في نفسية كل من يراها كثيرا من الخوف والهلع. ولا غرو، فقد حاكت الرواية الشعبية عنها كثيرا من التمثلات الجماعية من مثيل أن لا باب ولا مدخل لها، بل يتم الولوج إليها من ثقب في سقفها، كما أن حدودها ومساحتها يصعب إدراكها، فقد أقيمت بالكامل تحت الأرض، وعلى مساحة لا يتردد البعض في الاعتقاد أنها تستغرق مدينة مكناس كلها، أو تتجاوزها لتمتد عبر عشرات الكيلومترات تحت الأرض، منهم من أوصلها إلى زرهون والبعض إلى تازة. لم تقتصر الروايات الشعبية عن المكان ذاته بل تجاوزته «للمقيمين» فيه، فمما هو راسخ في أذهان الناس عن «حبس قارة» أنه ممرات ودهاليز تتخذ هيئة متاهة لا أحد يستطيع استكناه عمقه واستكشاف خباياه، لأنه مسكون بأرواح شريرة أو بلعنة من كانوا يعانون مآسي الأسر والسجن داخله، من دخله ضل طريق العودة، وأن لا أحد دخل هذا المكان ثم خرج منه حيا. كما أن السجناء كانوا يلقون في غياهبه من فتحة في سقفه، ويرمى لهم بالطعام منها، فكان بذلك عبارة عن سجن مؤبد لكل سجين يراد له أن يختفي دون أن يعدم، بل هناك من يعتقد أن المولى إسماعيل جمع فيه بين السجن للعقاب واللعبة للتسلي، حيث جعل له مخرجا سريا، ومن تمكن من السجناء من اكتشافه كان جزاؤه نيل الحرية.
عبد المالك الناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 6 من مجلتكم «زمان»
للاشارة وفقط لقد ضبطت ان تحت حبس قارة هناك مكان اخر لا يعرفه احد، هو مكان امن كان يستعمله المولى اسماعيل عند الضرورة به مجاري ماء ومستلزمات الحياة الطبيعية اد انه يستغل حاليا بدون علم احد ……