في أواخر ربيع عام 1948، قررت لندن الانسحاب من فلسطين، معلنة نهاية ما عُرف بـ”الانتداب البريطاني”، لكن بعدما عملت على تجسيد وعد بلفور على أرض الواقع. وذلك ما تأكد، ساعات قليلة بعد إعلان قرار الانسحاب. إذ تم الإعلان، يوم 14 ماي من العام ذاته، عن قيام “دولة إسرائيل” دون تحديد حدودها، وذلك ما يفسر استمرارها في “التهام” الأراضي المجاورة حتى اليوم.
تجاوز الغضب من إعلان دولة يهودية، وسط أرض الإسلام والمسلمين، حدود “المسجد الأقصى ثالث المساجد الكبرى في الإسلام التي تُشدّ إليها الرِّحال”، ووصل صداه إلى كل أرض يرتفع، في صوامعها، آذان الصلاة.
في المغرب، الذي كان يرزح تحت الحماية، اتفق السلطان محمد بنيوسف والفقهاء والوطنيون، بإجماع، على التنديد بـ”الصهيونية” التي “ما أنزل الله بها من سلطان”، وتهدد مسلمي فلسطين بالتشريد والترحيل في “أرض الله الواسعة”.
وفيما أصبح يهود البلدان الغربية يحلمون بـ”فردوسهم الموعود”، كان يهود العالم الإسلامي يضعون الأيدي على القلوب خوفا من رد فعل جيرانهم المسلمين. في المملكة، عرفت الملّاحات حالة استنفار في انتظار “المجهول القادم”. غير أن مدينتين، هما وجدة وجرادة، عرفتا منسوبا أكبر من الكراهية، صرفها بعض المسلمين ضد مواطنيهم في الملاح. انطلقت “المطاردات” في البيوت والشوارع، يوم 7 يونيو واستمرت في اليوم الموالي، مخلفة العشرات من الجرحى ومقتل ما لا يقل عن 48 مغربيا-يهوديا، ضمنهن موشي كوهن حاخام جرادة.
لم يتوقف شلال الدم إلا بعد تدخل سلطات الحماية، لتوقف “المعتدين”، ثم إدانتهم بأحكام سجنية ثقيلة مرفوقة بالأعمال الشاقة. لكن ذلك لم يكن كافيا لطمأنة اليهود في باقي أرجاء المملكة، الذين اختار حوالي 18 ألف منهم مغادرة المغرب نحو “بلادهم الجديدة”.
أي نتيجة
View All Result