لم يختلف قدر المغربيات في أن يكون أفضل مما عاشته نظيراتهن في باقي بلدان المسلمين من حرمانهن من نيل نصيبهن في الإرث وحقوقهن المالية التي نصت عليها الشريعة وفصل فيها الفقهاء.
شكل موضوع ميراث المرأة جدلا واسعا عبر التاريخ بمختلف التجمعات البشرية، كما كان يثير دائما نقاشا واسعا بين الباحثين والدارسين، بحكم حرمان المرأة من هذا الحق في مناطق وأمم مختلفة، ومنها الدول التي دانت بالإسلام وحكمها المسلمون، حيث حرم النساء حتى من حقوقهن المالية التي جاءت بها النصوص الدينية وفصل فيها الفقهاء، بسبب الواقع الاجتماعي الذي كان في غالبه منحازا للرجل على حساب المرأة. لم تختلف حال بلاد المغرب عن باقي بلدان المسلمين، خصوصا بعد استقرار المذهب المالكي بالمنطقة، حيث ظل نظام الإرث الذي تبناه الفقهاء هو المعمول به على مستوى القضاء والفتوى، إلا أن ذلك لم يمنع عددا من المناطق من حرمان المرأة من ميراثها الشرعي، ولم يمنع أيضا بعض الفقهاء من الاجتهاد والخروج عن المعمول به فقها وقضاء. فكيف كان للواقع الاجتماعي أثر على توزيع التركات ونصيب المرأة منها؟ وكيف منعت المرأة من ميراثها ببلاد المغرب خلال حقب مختلفة؟ وكيف خرجت فتوى “الكد والسعاية“ عن المنظومة الفقهية السائدة؟ ولم استمر حرمان المرأة من إرثها فيما عرف بـ“الأراضي السلالية“ إلى وقتنا الحاضر؟ ولم يطالب البعض بإعادة النظر في نظام التعصيب؟
رغم أننا لا نملك معلومات وافية عن واقع ميراث المرأة في بلاد المغرب، خصوصا بعد وصول الإسلام للمغرب، وانتشار المذهب المالكي وفقهائه وقضاته، إلا أن ابن بطوطة يذكر أنه في زيارته لقبائل صنهاجة سنة 1353م، منطلقا من سجلماسة نحو ولاتة جنوب المغرب، وجد أن النسب والإرث لديهم لا يرتبطان بالعصبة من جهة الأب، وإنما بجهة أرحامهم من طرف أمهاتهم، فالأبناء لا ينتسبون لآبائهم ولا يرثونه، وإنما ينتسبون لخالهم ويرثون منه .وعلق ابن بطوطة على ذلك بأن هذا مخالف لما هو سائد شمال المغرب، ومناقض حسب قوله للشرع الإسلامي وتعاليمه، مبديا استغرابه من هذه الأعراف المحلية مع أن أهلها «يصلون ويحفظون القرآن الكريم وفيها قضاة وفقهاء».
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 121 من مجلتكم «زمان»